نقول: فعل ماضي لا باعتبار هذا التركيب، ليس في هذا السياق، ضرب: فعل ماضي، في قولنا: ضرب زيد عمرواً، وأما في هذا التركيب ضرب: فعل ماضي، فليس بفعل بل هو اسم، بدليل: الإخبار عنه بقولنا: فعل ماضي .. بدليل: أنه لا يدل على حدث ولا على زمن محصل، ليس فيه حدث، ولذلك لا يرفع فاعلاً، أين فاعله؟

وَبَعْدَ فِعْلٍ فَاعلٌ فَإنْ ظَهَرْ

ضرب: أين الفاعل؟ ليس فيه فاعل، بل لا يطلب فاعلاً، بل هو مجرد لفظ فهو علم شخصي مسماه: ضرب في قولك: ضرب زيد عمرواً، فلسفة لا بد منها، ومثلها: من: حرف جر، كذلك تقول: مرفوع .. ضرب زيد عمرواً، زيد: فاعل مرفوع بضرب، دخل عليه حرف الجر، فدل على أنه اسم، من: حرف جر مثلها، من في هذا التركيب علم، اسم؛ لأنه أسند إليها ولا يسند إلا إلى الأسماء، فدل على أن: من، في هذا التركيب تعتبر علماً.

فإذا قصد اللفظ بقطع النظر عن كونه اسماً أو فعلاً أو حرفاً فهو علم، هذه نتيجة؛ لأننا قلنا: قد يقصد بالخبر المعنى أو اللفظ، إذا قصدنا اللفظ مطلقاً سواء كان اسماً أو فعلاً أو حرفاً فهو علم، ولذلك صح أن يقال: إياك واللو، لو: هذه حرف دخلت عليها أل، وأل من خواص الأسماء، كيف دخلت أل على لو، وهي حرف؟ نقول: قصد لفظها، وهي حرف في قولك: لو أني فعلت كذا لكان كذا، هنا حرف، وأما في قوله: إياك واللوَّ، فهي اسم، ولذلك صح دخول أل عليها.

لو أن لوَّاً بالتنوين، والتنوين من خواص الأسماء، كيف دخل على لو؟ قصد لفظه.

إذاً: القاعدة يا إخوان، تفهمون: إذا قصد بالمسند .. بالمحكوم عليه .. إذا أخبرت عن شيء، إما أن يقصد معناه أو يقصد لفظه، إن قصد معناه فلا بد أن يكون اسماً، وهو إسناد معنوي، وإذا قصد لفظه فحينئذٍ يستوي الاسم والفعل والحرف وكلها تسمى أسماء.

زيد ثلاثي: إسناد لفظي، زيد: واضح لا إشكال فيه، ضرب: فعل ماضي، نقول: ضرب هنا علم .. علم شخصي، وهو اسم بدليل الإخبار عنه بقولنا: فعل ماضٍ، من: حرف جر، من: في هذا التركيب تعتبر اسماً فهي علم شخصي، مسماه: من، في قولك: خرجت من الدار، من: في هذا التركيب: من الدار، نقول: هي حرف، وأما في قولنا، من: حرف جر فهي اسم، واضح هذا؟

بقي مسألة واحدة: ضرب فعل ماضي، كيف نعربه؟ زيد: ثلاثي واضح الإعراب، أما ضرب: فعل ماضي، نقول: ضرب لنا فيه وجهان: إما الإعراب، وإما الحكاية، ضرب تبقيه كما هو، فتقول: ضرب: مبتدأ مرفوع بالابتداء، هل إعرابه محلي أو تقديري؟ لا، تقديري ليس محلياً؛ لأنه ليس مبنياً، بل هو معرب، لكن تعربه على الحكاية، بمعنى: أنك تحكيه كما هو، فتقول: ضرب، لأنه فعل ماضي في الأصل مسماه: فعل ماضي.

والفعل الماضي في مثل هذا النوع يكون مبنياً على الفتح، فتقول: ضرب: مبتدأ مرفوع بالابتداء ورفعه ضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الحكاية، وفعل: هذا خبره.

وجه آخر: أن تعربه منوناً، فتقول: ضرَبٌ، مثل: زيدٌ، يجوز فيه هذا الوجه، ضرَبٌ: هذا مبتدأ مرفوع بالابتداء إلى آخره، إذاً: إما أن تحكيه كما هو وتقدر الإعراب، وإما أن تعربه رفعاً وبالتنوين؛ لأنه صار منصرفاً، والتنوين هذا تنوين تمكين، حينئذٍ نقول: فيه وجهان:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015