قالَ الشارح: استثنِ بليس وما بعدَها ناصِباً المستثنى، فتقول: قامَ القومُ ليس زيداً، فـ (زيداً) من قولك: "ليس زيداً ولا يكونُ زيداً": منصوب على أنه خبر ليس ولا يكون، واسمها: ضميرٌ مستتر وجوباً باتفاق، وإنما اختلفوا في المرجع، على أيّ شيءٍ يرجع؟ المشهور عندهم أنه يعودُ إلى البعض المفهوم من القوم، البعض من القوم: قامَ القوم ليس زيداً: ليسَ بعضُهم زيداً، قام القوم لا يكونُ زيداً: لا يكون البعضُ زيداً، فحينئذٍ عادَ إلى البعض المفهوم من القوم، هذا المشهور عند النحاة، وقيل: مرجعُهُ اسم فاعل، يعني وصف مفهوم من السابق، والتقدير: ليس هو أي: القائم، وهذا اختارَهُ ابن هشام في الأوضح، ليس هو، أي: القائم زيداً، ومثله اسم المفعول نحو: أكرمتُ القوم ليسَ زيداً، ليس المكرَمُ زيداً، إذن: عادَ إلى الوصف.

والثالث: أن مرجعَهُ مصدر الفعل السابق العامل في المستثنى منه، فحينئذٍ: قامَ القوم خلا زيداً: خلا القيامُ، خلا هو أي: القيام، وهذا ضعيف، والسابق كذلك ضعيف، والأشهر هو الأول وهو الظاهر، أنه يعودُ إلى البعض المفهوم من الكلّ السابق: قامَ القوم ليس زيداً: ليسَ البعضُ زيداً، وهذا واضح، ولذلك قال هنا: ويضعف الوجهين الثاني والثالث، -يعني: تقديره بالوصف سواءً كان اسم فاعل أو اسم مفعول، والثالث: أنه مصدر- عدمُ الاطراد؛ لأنه لا يكونُ هناك فعلٌ نحو: القوم إخوتك ليسَ زيداً. هنا قال: والمشهور أنه عائِدٌ على البعض المفهوم مِن القوم، والتقدير: ليسَ بعضُهم زيداً، ولا يكون بعضُهم زيداً، وهو مُستتِرٌ وجوباً، وفي قولك: خلا زيداً، وعدا زيداً (زيداً) هذا منصوبٌ على المفعولية، ولو لم تتقدَّم (ما) المصدرية؛ لأنها يجوزُ فيها الوجهان، وخلا وعدا فعلان فاعلهما في المشهور الخلافُ فيهما كالخلاف في ليس، ولذلك يقول: خلا وعدا فعلان غير متصرِّفين؛ لوقوعهما موقع (إلا)، وانتصابُ المستثنى بهما على المفعولية، وفاعلهما ضميرٌ مُستتر، وفي مرجعه الخلاف في ليس، والصوابُ أنه ضميرٌ عائدٌ على البعض المفهوم من القوم، وهو مُستترٌ وجوباً والتقدير: خلا بعضُهم زيداً وعدا بعضُهم زيداً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015