(وَاسْتَثْنِ نَاصِبَاً): وجوباً (وَاسْتَثْنِ) أنت (نَاصِبَاً)، (نَاصِبَاً) إعرابه: حال من الفاعل المستتر في (اسْتَثْنِ)، استثنِ أنت وجوباً حال كونك ناصباً، ناصباً وجوباً للمستثنى، ولكن المستثنى هنا عيَّنَ له أربعة ألفاظ: (ليس، وخلا، وعدا، وبيكون) وشرَطَ لها (لا) النافية دون أخواتها، هذه الأربعة تكون مُستثنيات، يعني: مما يُستثنى بها، لكن لا يُسمى مستثنى، وإنما الاستثناء هنا وافق من جهة المعنى، وصارَ الإخراجُ معنى، وأما في اللفظ فلا، ولذلك تقولُ: قامَ القوم ليس زيداً، زيداً هذا: خبر ليس، لا تقل: مُستثنى ليس عندنا هنا مستثنى في اللفظ، وإنما هو من جهة المعنى فيه إخراج، قامَ القوم ليس زيداً، فـ (ليس) هذا فعل ماضي ناقص، واسمها ضميرُ مُستتِر وجوباً، وزيداً خبرها، فليس عندنا هنا مستثنى.

وَاسْتَثْنِ نَاصِباً وجوباً نَاصِباً بِلَيْسَ وَخَلاَ وَبِعَدَا وَبِيَكُونُ بَعْدَ لاَ حينئذٍ تقول: قامَ القوم ليس زيداً، وقامَ القوم خلا زيداً؛ لأنه قال: ناصباً، وعدَّ منها: خلا، إذن: تنصبُ بخلا فتقول: قامَ القوم خلا زيداً، وقامَ القوم عدا زيداً، وقام القوم لا يكون زيداً، وحينئذٍ (ليسَ زيداً)، زيداً: خبر ليس، وخلا زيداً، زيداً: مفعولٌ به منصوب لخلا، و (عدا) مثلُها، ولا يكون زيداً، اسم (يكون) ضمير مستترٌ وجوباً، و (زيداً) هذا مثل (ليس) يُعتبر خبر يكون، إذن ليس عندنا مستثنى، وإنما النصب يكون مُتعيّناً في موضعين اثنين مما ذكره الناظم، وهما: (ليس ولا يكون)، وأما (خلا وعدا) فيجوزُ فيها الوجهان: النصب والخفض، وهنا إذا تجرَّدت عن (ما) فالأرجح النصب، ولذلك ذكرَها الناظم هنا مع (ليس ولا يكون)، فدلَّ على أن (خَلاَ وَعَدَا) إذا خلت من (ما) لم تسبقها (ما) الأرجح فيها النصب على الجر: فقامَ القوم خلا زيداً، أرجحُ من: خلا زيدٍ، وقامَ القوم عدا زيداً، أرجحُ من: عدا زيدٍ، وهذا يدلُّ على أن الناظم قصد هذا المعنى لقرنها أو قرن هذين الحرفين أو الفعلين بـ (ليس ولا يكون). (وَاسْتَثْنِ نَاصِباً بِلَيْسَ وَخَلاَ وَبِعَدَا وَبِيَكُونُ) بهذا اللفظ، يعني: (كان) ماضياً لا يصلح، وإنما (يكون) بهذه الصيغة، كما قال هناك: (وَقَدْ تُزَادُ كَانَ) كان بلفظ الماضي، إذن قصَدَ اللفظ، وهنا: (وبيكون) قصدَ اللفظ، بيكون: الباء حرف جر، ويكون: قُصِد لفظُه فهو اسمٌ مجرور بالباء، وجرّهُ كسرة مقدّرة على آخره منعَ من ظهورها اشتغالُ المحلّ بحركة الحكاية وهي الضمّة؛ لأنه حكاهُ مرفوعاً، (وَبِيَكُونُ بَعْدَ لاَ) النافية .. بعد (لا) النافية، ولا تُستعمَل (يكون) في الاستثناء مع غير (لا) من أدوات النفي، إذن: على خصوص (يكون) من جهة المضارع و (لا) من جهة النفي دون غيرها من أدوات النفي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015