إذا تأخَّر، "قامَ القومُ إلا زيداً إلا عمراً إلا بكراً" في الإيجاب كالمتقدّم، يعني يجبُ فيه النصب، إذا كان مُوجباً وتأخَّرت المستثنيات عن المستثنى منه وجبَ النصب، نَصْبَ الْجَمِيعِ احْكُمْ بِهِ والْتَزِمِ، ولذلك قال: وَانْصِبْ لِتَأْخِيرٍ مُطلَقاً في الإيجاب.

بقي المنفي، المنفي فيه تفصيل، التفصيل سيأتي في المنفي، وَانْصِبْ لِتَأْخِيرٍ: (اللام) هنا بمعنى (مع)، يعني وانصب مع تأخير، والنصبُ واجب، وانصب وجوباً، لذلك جاء بصيغة افْعَل، وانصب وجوبا لِتَأْخِيرٍ يعني مع تأخير عنه .. عن المستثنى منه.

أما في الإيجاب فمُطلقاً، يعني في جميعها .. جميع المستثنيات، تقول: قام القومُ إلا زيداً إلا بكراً إلا عمراً، واجب لأنه مستثنى تعدَّدت فيه المستثنيات وهو تامّ موجَب.

وأما في غير الإيجاب فكذلك ولكن جِيءْ بِوَاحِدٍ منها، إذن " جِيءْ بِوَاحِدٍ" هذا تفصيل في المنفي بدليل قوله: " كَلَمْ يَفُوا"، وَانْصِبْ لِتَأْخِيرٍ هذا يشمل النوعين: الإيجاب مُطلقاً بدون تفصيل، وأما المنفي فالذي عناهُ بقوله: جِيءْ بِوَاحِدٍ .. هذا نقولُ في المنفي بدليل المثال؛ لأنّ ابن مالك -رحمه الله- يُعطي الأحكام بالأمثلة، كَلَم يَفُوا إذن هذا (الواو) مذكورة مُستثنى منه؛ حينئذٍ صار كلاماً تاماً منفياً.

وَجِيءْ بِوَاحِدٍ مِنْهَا كَمَا لَوْ كَانَ دُونَ زَائِدِ يعني إذا كان غيرَ مُوجَبٍ عُومِل واحد منها بدون تعيين كالمفرَّغ هناك؛ سواء كان الأول أو الثاني أول الثالث، بما كان يُعامَل به لو لم يتكرَّر الاستثناء، يعني تنظر إليه بنظرين، استثناءٌ غير مُكرَّر، ماذا تصنع فيه، إذا لم تُكرَّر (إلا) ماذا تقول؟ "ما قام القومُ إلا زيداً، إلا زيدٌ"-بالنوعين- "ما قام القومُ إلا زيداً إلا زيدٌ"، هذه حالة واحدة، إذن تُعامِل زيد هنا بالوجهين، لو كرَّرت "إلا زيداً إلا بكراً إلا عمراً"، اختر واحداً من هذه الثلاثة عامله بما لو لم تُكرر (إلا) فتعطيه الوجهين، سواء كان الأول أو الثاني أو الثالث، ما قام القوم إلا زيدٌ إلا بكراً إلا عمراً، رفعنا الأول لماذا؟

لأنه لو لم تتكرَّر (إلا) لجازَ فيه الإتباع وهو أرجح، طيب، ما قامَ القومُ إلا زيداً إلا بكراً إلا عمراً، زيداً: منصوب على الاستثناء، وإلا بكراً وإلا عمراً: منصوب على الاستثناء؛ أيهما واجب وأيهما جائز؟

إذن كلها منصوبة إلا أن الأول جائز النصب، لماذا؟

لأنه لو لم تُكرَّر (إلا) لكان الإتباع أولى وأرجح، إذن "ما قامَ القومُ إلا زيداً"، هذا منصوب، لكنه جائز النصب، إلا بكراً إلا عمراً: منصوبان لكنهما واجبا النصب.

إذن أُعطِي واحدٌ منها ما يُعطاه لو انفردَ، ونُصِب ما عداه، ولا يتعينُ الأول لجواز الوجهين بل يترجَّح، انظر البيت: وَانْصِبْ لِتَأْخِيرٍ وَجِيءْ بِوَاحِدٍ، فُهِم منه أن الواحد الذي يُجاء به يجوزُ أن يكون الأول أو الثاني أو الثالث، والأول أولى، لماذا؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015