لقربه من العامل، هذا أولى لئلا يفصل بينه وبين عامله، وَجِيءْ بِوَاحِدٍ مِنْهَا أي من المستثنيات المتأخِّرة في الكلام التام غيرِ الموجَب، وَجِيءْ بِوَاحِدٍ مِنْهَا صفة لواحد .. مِنْهَا جارّ ومجرور متعلِّق بمحذوف صفة لواحد، وَجِيءْ بِوَاحِدٍ مِنْهَا مُعرباً بما يقتضيه الحال، يعني قد يكونُ مرفوعاً وقد يكون منصوباً على الاستثناء، لكنه ليسَ بواجب النصب.
كَمَا لَوْ كَانَ دُونَ زَائِدِ، كَمَا لَوْ (مَا) كافة، و (لَوْ) مصدرية، وهي على حذف مضاف، أي كحال، والتقدير: وَجِيءْ بِوَاحِدٍ مِنْهَا كحال وجودِه دون زائد عليه، دون زائد عليه يعني لم تُكرَّر (إلاَّ)، كأنه قِيل: ما قام إلا زيدٌ .. إلا زيداً .. جازَ فيه الوجهان، وَجِيءْ بِوَاحِدٍ مِنْهَا، يعني مُعرباً بما يقتضيه الحال، كَمَا لَوْ هذا حال من وَاحِدٍ، كَمَا لَوْ كَانَ، (كَانَ) هذه تامة وفاعلها ضمير مستتر أي الواحد، دُونَ زَائِدِ، يعني هذا حال مِن فاعل كَانَ، دون زائد عليه ففي الاتصال تُبدِل واحداً على الراجح وتَنصِب ما عداه، ففي الاتصال تُبدِل واحداً على الراجح مع جواز النصب، وتنصب ما عداه، كَلَم يَفُوا إِلاَّ امْرُؤٌ إِلاَّ عَلِي، إلا علياً وقفَ عليه بلغة ربيعة، كَلَمْ يَفُوا إِلاَّ امْرَأً إِلاَّ عَلِي يجوز، إن رفعتَ الأول صار الثاني موقوفاً عليه بالسكون على لغة ربيعة، تَقِف على المنصوب بالسكون، وإذا نَصبتَ الأول كَلَم يَفُوا إِلاَّ امْرُؤٌ؛ لأنه يجوزُ أن تنصب الأول أو الثاني، قلنا: بِوَاحِدٍ لم يحدِّد، حينئذٍ إذا نَصبتَ الأول صار الثاني مرفوعاً على البدلية، فـ لَمْ يَفُوا، (الواو) هذه مُستثنى منه، إذن هو كلام تامّ منفي كَلَم يَفُوا، يَفُوا أصلها يُوفِئًون يُفعِلُون، حُذفت النون للجازم و (الواو) لوقوعها بين عدوتيها (الياء) و (الكسرة) فصار يَفْيُوا، نُقِلت ضمة (الياء) إلا (الفاء) بعد سلبِ حركتها ثم حُذفت (الياء) لالتقاء الساكنين، و (الواو) هذه واو الجماعة فاعل وهو مستثنى منه، إِلاَّ امْرُؤٌ هذا بدل بعض من كل، إلا علياً إلا بكراً بالنصب. إذن في الكلام التام غير الموجب تُعطي واحداً منها كما لو لم يكن التكرار موجوداً، كأنّ (إلا) لم تزد لم تتكرَّر، حينئذٍ إذا كان الاستثناء مُتصلاً جازَ فيه الوجهان، وإذا كان مُنقطِعاً حينئذٍ وجبَ فيه النصب، لو قال جاءَ القومُ إلا حماراً إلا بغلاً إلا فرساً، هذا مُنقطِع، يُنصَب الجميع؛ الأول واجب النصب لا لكونه مُكرّراً، ما بعد الثاني والثالث إلا حماراً إلا بغلاً إلا فرساً، الفرس والبغل نُصبت على الاستثناء وجوباً؛ لماذا؟
للتكرار، وأما الأولُ فحينئذٍ عُومِل معاملة المستثنى لو لم تُزَد (إلا)، وهذا الاستثناء مُنقطِع حينئذٍ وجبَ النصب، وعلى لغة بني تميم يجوزُ النصب، ويجوزُ الرفع، وَعَنْ تَمِيمٍ فِيهِ إِبْدَالٌ وَقَعْ حينئذٍ ما قامَ القوم إلا حمارٌ إلا فرساً إلا بَغلاً، هذا على لغة بني تميم، وعلى لغة أهل الحجاز: ما قامَ القومُ إلا بغلاً إلا حماراً إلا فرساً، نصبَ الجميع.