وجبَ النصب كذلك؛ سواء تعدّدَ الاستثناء أم لا، إذا توسَّطَ بين العامل والمستثنى منه، بمعنى أنه تقدَّمَ على المستثنى منه وجبَ النصب في الجميع، لا نقول كما قلنا في المفرّغ، نقول لا، "قام إلا زيداً إلا بكراً إلا عمراً القومُ"، تعينَ النصب، ولذلك قال: مَعَ التَّقَدُّمِ يعني تقدم المستثنى على المستثنى منه نَصْبَ الْجَمِيعِ على ماذا؟

على الاستثناء، نَصْبَ الْجَمِيعِ احْكُمْ بِهِ. زيداً مررتُ به مثله. (نَصْبَ الْجَمِيعِ) نَصْبَ هذا مفعول به لفعل محذوف وجوباً من باب الاشتغال، تقديره امضِ نصباً، لكن احكم نصباً لا يأتي، مثل جاوزتُ زيداً مررتُ به، نَصْبَ الْجَمِيعِ احْكُمْ بِهِ؛ لأن الإمضاء والحكم متقاربان.

(نَصْبَ الْجَمِيعِ) هذا منصوب على الاشتغال أي امضِ نصبا، نَصْبَ الْجَمِيعِ على الاستثناء احْكُمْ بِهِ والْتَزِمِ، احْكُمْ بِهِ: (به) يعني نصب الجميع، والْتَزِمِ دلَّ على أن النصب واجب، ولماذا عطفَ والْتَزِمِ على احْكُمْ؟

لأن الحكمَ قد يكون واجباً وقد يكون جائزاً، إذن لم يتعيَّن للوجوب فهو مُحتمِل، وإذا كان محتمِلاً حينئذٍ لا بد من قرينة تدلُّ على أن المراد به الوجوب، فقال: والْتَزِمِ يعني التزم ذلك النصب ولا يجوز العدول عنه، فدلَّ على أن قوله: احْكُمْ بِهِ المراد به الوجوب، "قامَ إلا زيداً إلا عمراً إلا بكراً القومُ"، "ما قامَ إلا زيداً إلا عمراً إلا بكراً القومُ"، هذان مثالان لأي شيء؟ تنوعُ الأمثلة هنا .. "قام إلا زيداً إلا عمراً إلا بكراً القومُ"، مشوار طويل، "ما قام إلا زيداً إلا عمراً إلا بكراً القومُ"، إذن في النوعين، إذا لم يكن مُفرَّغا وتقدَّمَ المستثنى، -مُستثنيات تقدَّمت- على مُستثنى منه وجبَ النصب للجميع سواء كان الاستثناء موجباً أم لا.

وَدُونَ تَفْرِيغٍ مَعَ التَّقَدُّمِ على المستثنى منه، نَصْبَ الْجَمِيعِ على الاستثناء امضِ، نَصْبَ الْجَمِيعِ على الاستثناء احْكُمْ بِهِ، قد يكون واجباً قد يكون جائزاً ثم عيّنَ الوجوب بقوله: والْتَزِمِ، والمثال ما ذكرناه.

الاستثناء التامّ إذا تكرّرت فيه (إلا) لغير توكيد وكان المستثنى مقدّماً على المستثنى منه، مُستثنَيات يعني، نُصِبَ الجميع على الاستثناء.

ثم قال: وَانْصِبْ لِتَأْخِيرٍ، هذا جاءَ تفصيل في الموجَب والمنفي، وَانْصِبْ لِتَأْخِيرٍ، أما في الإيجاب فمُطلَقاً، أي في جميعها، نحو "قامَ القومُ إلا زيداً إلا عمراً إلا بكراً، هذا متى؟

في الإيجاب إذا تأخَّرَ، في المتقدِّم لا تفصيلَ بين إيجاب وغيره وجبَ النصبُ مطلقاً.

وَدُونَ تَفْرِيغٍ، نقول: إذا لم يكن مُفرَّغاً حينئذٍ إما أن تتقدَّمَ المستثنيات أو تتأخَّر، إما أن تتقدَّم على المستثنى منه أو تتأخَّر، إذا تقدَّمت النصب واجب بدون تفصيل مُوجَب أو لا، قام: موجَب، "إلا زيداً إلا عمراً القومُ"، (ما) هذا منفي "ما قامَ إلا زيداً إلا عمراً إلا بكراً القومُ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015