يَكُنْ كَعَدَمِ (إلاَّ) يعني: في الحكم كونها ناصبةً دون في الحكم والمعنى معاً، وهذا عند غير الكسائي، أما هو فيجيز النصب في نحو: ما قام إلا زيد، بناءً على مذهبه من جواز حذف الفاعل، يعني: الكسائي يجوِّز: ما قام إلا زيداً بالنصب، لأنه يرى كما سبق جواز حذف الفاعل.
كَمَا لَوِ الاَّ: (إلاَّ) نائب فاعل، لأي شيء؟ .. كَمَا لَوِ الاَّ عُدِمَا، لَوِ: هل يتلوها اسمٌ؟ فعل لا يتلوها الاسم، بل لا بد من فعلٍ صريح: ((وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ)) [القلم:9] .. ((يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ)) [البقرة:96] صريح، فإن لم يكن حينئذٍ هي مثل (إنْ) الشرطية، و (إذا) الشرطية.
إذاً: (إلاَّ) هنا نقول: نائب فاعل، إذا جعلنا عُدِمَا مغيِّر الصيغة فهو نائب فاعل دل عليه الفعل المذكور، وإذا قلنا: عَدِمَا كما ضبطه البعض، حينئذٍ صار الفاعل ضمير مستتر، وصار (إلاَّ) مفعولاً به.
(إلاَّ) مرفوعٌ بفعل محذوف يفسره عُدِمَا، وهذا بناء على أن عُدِمَا لما لم يسم فاعله، أما على قراءته بالبناء للمعلوم والفاعل ضمير مستتر فيه يعود إلى السابق أو ما بعده، فـ (إلا) منصوبٌ على المفعولية لا مرفوعٌ على نيابة الفاعل.
المفرَّغ مثل ماذا؟ جاء في القرآن؟ نعم، نفي نحو: ((وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ)) [آل عمران:144] كذلك: ((وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ)) [النور:54] وشبه النفي: ((وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ)) [النساء:171]، الاستفهام الإنكاري: ((فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ)) [الأحقاف:35] وهذا هو الاستثناء المفرَّغ ولا يقع في كلامٍ موجب، فلا تقل: ضربتُ إلا زيداً خلافاً لابن الحاجب له تفصيل: أن يكون ما بعد (إلا) فضلة، أن تحصل به فائدة .. إلى آخره، لكنه مرجوح، والصواب ما عليه الجمهور.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ... !!!