نقول: هذا لا يدل عليه، لكن إذا قلنا: قولٌ متصلٌ يدل على أن المذكور معه غير مرادٍ بالقول الأول، قولٌ: هذا لفظ، المراد به (إلا) أو إحدى أخواتها، متصلٌ: يعني لا منفصل، يدل على أن المذكور معه: الذي هو المستثنى بعد (إلا) غير مرادٍ بالقول الأول الذي هو المستثنى منه، وهذا أولى، لأن الصحيح أن المستثنى لم يدخل في مفهوم المستثنى منه، لا حقيقةً من جهة اللفظ ولا في الحكم.

مذهب سيبويه وجمهور البصريين: أن المستثنى لم يندرج في المستثنى منه ولا في حكمه، إذاً: الله – هذا أهم شيء عندنا – لا إله إلا الله، الله نقول: هذا لم يندرج في هذه الكلمة، ونحن لا أتكلم في مفردات، إنما نتكلم عن تركيب، والإجابة هناك تتعلق بالمفردات قبل التركيب، وهذا وجه الضعف فيه، ونحن نتحدث عن تركيبٍ، لا إله إلا الله، هل الله دخل في إله أم لا؟ إذا قلنا: إخراج ظاهره نعم، لأنه -لا يكون الإخراج إلا بعد الإدخال هذا الأصل فيه، هذا مأخذ اللسان العربي، نحن نقول: لا، الله لم يدخل أصلاً في هذا التركيب: لا إله، لا من جهة اللفظ ولا من جهة الحكم، لا من جهة اللفظ لأن إله قبل تركيبه وإن شمل (الله) إلا أنه في هذا التركيب لا، نقول: إله يصدق على الله .. الإله بحق وعلى غيره، فحينئذٍ: لا إله، نقول: هذا خاصٌ بالباطل، فنفيت الألوهية عن كل ما عدا الله عز وجل وأثبتت له، فحينئذٍ نقول: لم يدخل أصلاً في المستثنى منه وهو إله اسم لا، ولم يدخل في حكمه وهو نفي الألوهية، ثم أُثبت لما قبل (إلا) نقيض حكمها لما بعده.

مذهب سيبويه: أن المستثنى لم يندرج في المستثنى منه ولا في حكمه، ومذهب الكسائي: لا يندرج فيه وهو مسكوتٌ عنه، هذا باطل، بل الصحيح أنه مثبتٌ له نقيض حكم ما قبل إلا، وأما أنه مسكوت عنه نقول: لا.

إذاً (قولٌ) المراد به: صيغة الاستثناء، متصل: أخرج المنفصل، فالاستثناء لا يستقل عن الجملة، يدل على أن المذكور معه، أي: المستثنى المذكور مع صيغة الاستثناء غير مرادٍ بالقول الأول وهو المستثنى منه، وهذا واضح وبَيِّن على ما ذكرناه.

إذاً: إذا قيل: قام القوم إلا زيداً، نقول: لفظ (إلا) قولٌ متصلٌ بالجملة - إذ لا يستقل الاستثناء - يدل على أن المذكور معه وهو زيداً غير مرادٍ بالأول لا في اللفظ ولا في الحكم، لم يندرج في المستثنى منه لفظاً ولا في الحكم، وأما قول الصبان: أنه اندرج في مفهوم اللفظ لغةً، نقول: هذا ليس بوارد هنا، لماذا؟ لأننا لا نبحث في المفردات، نحن نبحث في الاستثناء والمستثنى، وهذا إنما يكون متى؟ بعد التركيب.

فكون (إله) يشمل الإله بحق والإله بباطل قبل إدخاله اسم (لا) وأما بعده نقول: لا، لم يدخل لفظ الجلالة (الله) في هذه الكلمة .. كلمة التوحيد، لم يدخل في لفظ (إله) هنا، إذ لو دخل حينئذٍ لزم أن يصدق عليه الحكم، وهو نفي الألوهية، وهذا كلامٌ لا بد من تحريره.

إذاً قوله: متصلٌ، يدل على أن المذكور معه غير مرادٍ بالقول الأول.

قال الناظم رحمه اله تعالى:

مَا اسْتَثْنَتِ الاَّ مَعْ تَمَامٍ يَنْتَصِبْ

إِتْبَاعُ مَا اتَّصَلَ وَانْصِبْ مَا انْقَطَعْ ... وَبَعْدَ نَفْيٍ أَوْ كَنَفْيٍ انْتُخِبْ

وَعَنْ تَمِيمٍ فِيهِ إِبْدَالٌ وَقَعْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015