وَبَعْدَ مَا اسْتِفْهَامٍ أوْ كَيْفَ نَصَبْ ... بِفِعْلِ كَوْنٍ مُضْمَرٍ بَعْضُ الْعَرَبْ
فإذا قيل: ما أنت وزيداً، العامل محذوف، ولذلك قلنا: بما من الفعل ظاهراً أو مقدراً، وإنما يكون كذلك بعد (ما) الاستفهامية، (ما) أنت وزيداً، ما كنت وزيداً، وزيداً: الواو نص في المعية، زيداً مفعول معه، حينئذٍ كنت لما حذفت كان انفصل الضمير، مثل: أمَّا أنْتَ بَرًّا السابق، أمَّا أنْتَ بَرًّا أما كنت .. الخ ما ذكرناه، هنا ما أنت وزيداً .. ما كنت وزيداً؟ ما استفهامية، كنت وزيداً حذفت كان، وانفصل الضمير فارتفع، ما أنت وزيداً، إذاً زيد هذا مفعول معه لفعل وليس لأنت وهو جامد، وإنما هو منصوب بفعل محذوف تقديره كان، وكذلك في قوله: كيف أنت؟ كيف تكون وقصعةً؟ وحذف (تكون) وهو فعل مضارع وفصل الضمير الذي كان مستتراً وهو اسم تكون، حينئذٍ صار قصعة هذا منصوب بتكون المحذوفة.
وَبَعْدَ مَا اسْتِفْهَامٍ أوْ كَيْفَ نَصَبْ ... بِفِعْلِ كَوْنٍ مُضْمَرٍ بَعْضُ الْعَرَبْ
وَبَعْدَ (مَا): هذا متعلق بقوله: نَصَبْ، بَعْدَ منصوب على الظرفية، متعلق بقوله: نَصَبْ، وَبَعْدَ مضاف و (مَا) مضاف إليه قصد لفظه، و (مَا) مضاف واسْتِفْهَامٍ مضاف إليه، من باب إضافة الدال إلى المدلول، أوْ بَعْدَ كَيْفَ نَصَبْ، بَعْضُ الْعَرَبْ: هذا فاعل نَصَبْ، هذا فيه إشارة إلى أن الرفع أرجح في مثل هذه التراكيب، ولذلك نُقِل الرفع، ونقل النصب، والرفع أكثر، وهو اللغة الأفصح -أفصح اللغتين-، ولذلك قال: بَعْضُ الْعَرَبْ، نسبه إلى البعض، وهذا يدل على أن ما نطق به بعض العرب دون الكل يكون أدنى في الرتبة، والأفصح ما نُقل أكثر وهو: رفع ما أنت وزيدٌ –بالرفع-، ما أنت وزيدٌ، إذاً لا نحتاج إلى تقدير، وكيفَ أنْتَ وقَصْعَةً مِن ثَرِيدٍ؟ نقول: هذا لا يحتاج إلى تقدير.
أوْ كَيْفَ نَصَبْ بِفِعْلِ كَوْنٍ: أي بفعل مشتق من لفظ الكون، سواء كان ماضياً، أو مضارعاً، ولذلك سيبويه قدر بعد (ما) الاستفهامية كان بصيغة الماضي، وقدر بعد كيف مضارع كان، فحينئذٍ هل يلتزم هذا؟ أم المراد بِفِعْلِ كَوْنٍ يعني مادة الكون، سواء قدرنا في الموضعين كان ماضية أو بصيغة المضارع، أو بدلنا ما قاله سيبويه، فنقدر الماضي في تكون والمضارع في ما الاستفهامية؟
ظاهر كلام الناظم هنا العموم؛ لأنه قال: بِفِعْلِ كَوْنٍ أطلق ولم يعين الماضي ولا المضارع، فحينئذٍ قدر ما شئت، والمحفوظ عن سيبويه أنه قدر مع (ما) الاستفهامية: (كان)، وقدر مع كيف: تكون، وبعضهم التزم هذا، قال: لا يجوز مع (ما) الاستفهامية إلا (كان)، ومع كيف إلا (تكون)؛ لأن سيبويه هكذا قدره، هذا التعليل؛ لأن سيبويه هكذا قدره.
وَبَعْدَ مَا اسْتِفْهَامٍ أوْ كَيْفَ نَصَبْ ... بِفِعْلِ كَوْنٍ .. أي بفعل مشتق منه لفظ الكون، وإذا صلح الكلام لتقدير غيره كـ تصنع وتُلابس، جاز تقديره على الصحيح، فلا يختص بالكون، وإن كان الناظم ظاهر عبارته ما ذكرناه، سيبويه قدر الفعل من لفظ الكون في الموضعين، بعد (ما) الاستفهامية وكيف، قدر لفظ الكون -الفعل منه-، وجعل الفعل مضارعاً بعد كيف، وماضياً بعد ما، ثم اختلف أتباع سيبويه في تقدير فعل من مادة الكون في موضعين: