الموضع الأول: في تعيين الماضي أو المضارع في أيهما؟ هل يستويان أم يختلفان؟
الموضع الثاني: في كان التي قدرها سيبويه، هل هي تامة؟ أم ناقصة؟
أما الموضع الأول: هل يجوز الفعل مع (ما) مضارعاً، مع كون سيبويه نطق به ماضياً؟ ومع كيف ماضياً، مع كون سيبويه نطق به مضارعاً؟ أم يلتزم تقديره ماضياً مع (ما)، وتقديره مضارعاً مع (كيف) كما قدره سيبويه؟ هذا محل النزاع بينهم.
فقال السيرافي: يجوز تقدير الماضي والمضارع جميعاً مع كل منهما، هذا ظاهر كلام الناظم وهو أقرب، وقيل: لا يجوز، بل كما قدره سيبويه، هؤلاء أتباع سيبويه بإحسان، لا يجوز إلا كما قدره سيبويه، كان في الاستفهام بعد (ما)، وتكون بعد (كيف)، وقيل: لا يجوز بل كما قدره سيبويه.
الموضع الثاني: هل (كان)، و (يكون) فعلان تامان أم ناقصان؟ يعني في هذا الموضع، إذا قلنا: ما أنت وزيداً، وكيفَ أنْتَ وقَصْعَةً مِن ثَرِيدٍ؟ ما تكون وزيداً؟ وكيف تكون وقصعةً؟ إذا قدرناه بالمضارع في الموضعين، هل هذه كان تامة أم ناقصة؟
قيل: ناقصة، وهذا أصح؛ لأنه الأصل، وأمكن التقدير، أو إيجاد اسم كان وجعل المذكور خبراً، أو ما قبلة، وهذا أصح، وقيل -وهو رأي الفارسي-: إنهما تامان، يعني في الموضعين، ففاعلها ضمير مستتر، و (ما) تكون نائبة عن مصدر مفعول مطلق، يعني إذا قيل: ما أنت وزيداً؟ ما تكون وزيدا؟ ً أين أسمها؟
قال: فاعلها ضمير مستتر -على الرأي بأنها تامة، و (ما) منصوبة على أنها مفعول مطلق، سبق معنا أن الذي ينوب عن المفعول المطلق (ما) الاستفهامية و (ما) الشرطية، هنا ما تكون وزيداً؟ قال: تكون فيه فاعل ضمير مستتر، و (ما) ماذا نعربها؟
قال: في محل نصب مفعول مطلق مقدر، والتقدير: أيَّ كونٍ من الأكوان كنتَ وزيداً؟ وكيف تكون .. تكون هذا مسند إلى فاعل ضمير مستتر، وكيف .. قال: في محل نصب حال.
وإذا قلنا: كان تامة، حينئذٍ الاسم يكون الضمير المستتر، و (ما) الاستفهامية المقدمة هذه نجعلها في محل رفع خبر كان، ومثله كيف.
بِفِعْلِ كَوْنٍ مُضْمَرٍ: هل الإضمار واجب أم جائز؟
المشهور أنه واجب، فلا يجوز حينئذٍ ذكره؛ لأنه هكذا سمع عن العرب، وهذا أولى؛ لأن هذا التركيب خارج عن القياس، وإذا كان خارجاً عن القياس، حينئذٍ نقول: يبقى على أصله.
وَبَعْدَ (مَا) اسْتِفْهَامٍ أوْ كَيْفَ نَصَبْ: بعد هذين الموضعين.
نصب بعض العرب بفعل كونٍ مضمرٍ وجوباً وقيل جوازاً، نصبوا ماذا؟ قال: نصب بعض العرب، أين المفعول؟
نصب بعض العرب مفعولاً معه بعد (ما) استفهام؛ لأننا شرطنا فيما سبق - بِمَا مِنَ الْفِعْلِ إلى أخره- أنه لا ينصب مفعولاً معه إلا بعد الفعل وشبهه، وهنا نصبوا مفعولاً معه، لو لم نحكم بأنه مفعولاً معه حينئذٍ قلنا: المسألة ليست داخله، لكن نحن سلَّمنا أن قولهم: ما أنت وزيداً .. زيداً مفعول معه، ولذلك صح الاعتراض به، حينئذٍ نحاول أن نُخَرِّجه على ما يوافق القواعد، فقلنا: هذا العامل فيه محذوف فهو ما قدره سيبويه.
إذاً:
وَبَعْدَ مَا اسْتِفْهَامٍ أوْ كَيْفَ نَصَبْ بَعْضُ الْعَرَبْ مفعولاً معه، دون ذكر فعل أو شبه الفعل، لكن الجواب أنه يقدر بفعل مشق من الكون وهو مضمر وجوباً وقيل جوازاً.