إذاً هذا قول ضعيف لا يعول عليه، أقوى منه أن يقال: الفعل بواسطة (الواو) هذا قول أخر، أن الفعل بواسطة (الواو) هو الذي نصب، فحينئذٍ العامل مركب من شيئين: فعل و (واو)، كما قيل في الاستثناء أنه منصوب بالفعل بواسطة (إلا)، وقيل: لا، بـ (إلا) كما سيأتي، ولذلك ابن مالك قال: مَا اسْتَثْنَتِ (الاَّ) .. دل على أنها هي العامل، وهذا هو الظاهر كما سيأتي، ولا بالمخالفة، لا (بالواو) على قول الجرجاني، ولا بالمخالفة في رأي الكوفيين، مخالفة ما بعدها لما قبلها خلافاً للكوفيين، إذ هي معنىً من المعاني ولم يثبت النصب بالمعاني، وإنما ورد الرفع هناك والتجرد في باب الفعل مضارع، قلنا: يرفع بتجرده عن الناصب الجازم هذا عامل معنوي، كذلك في الابتداء عامل معنوي، لكن لم يثبت عامل معنوي في النواصب، وإنما هو خاص بالمرفوعات، وإنما ثبت الرفع بها في الابتداء والتجرد في الفعل المضارع، ولو صح لقيل: جاء زيدٌ بل عمراً، لو صح أن المخالفة لها أثر وتعمل، لقيل: ما جاء زيدٌ بل عمراً بالنصب؛ لأن ما بعد بل مخالف لما قبلها؛ لأنها عامل، وهو ممنوع اتفاقاً. (ولا) محذوف، يعني ليس العامل محذوف، والتقدير: سرتُ ولابستُ النيلَ، فيكون حينئذٍ مفعولاً به، خلافاً للزجاج فيما ذكرناه سابقاً أن هذا الباب ليس بمفعول معه، وإنما هو مفعول به.

إذاً:

بِمَا مِنَ الْفِعْلِ وَشِبْهِهِ سَبَقْ ... ذَا النَّصْبُ لاَ بِالْوَاوِ فِي الْقَوْلِ الأَحَقّْ

فِي الْقَوْلِ الأَحَقّْ: يعني المختار، إشارة أن الأحق ليس على بابه، بل هو بمعنى الحق؛ لأن مقابله باطلٌ لا حقٌ، قيل: عبر بالأَحَقِّ تأدباً مع عبد القاهر؛ لأنه دون علم المعاني والبيان، أول من دونه.

على كُلٍّ: يُنْصَبُ تَالِي (الوَاوِ) مَفْعُولاً مَعَهْ، يُنْصَبُ هذا فعل مضارع مغير الصيغة، يُنْصَبُ تَالِي (الوَاوِ)، تَالِي: مضاف، (والواو): مضاف إليه وهو نائب فاعل، مَفْعُولاً مَعَهْ، مَفْعُولاً: هذا حال من نائب الفاعل، فِي نَحْوِ سِيرِي وَالطَّرِيقَ مُسْرِعَهْ، حينئذٍ من المثال نأخذ القيود السابقة، وَالطَّرِيقَ: الطَّرِيقَ هذا اسم فضلة وقع بعد (واو) أُريد بها التنصيص على المعية مسبوقة بفعل وهو سِيرِي.

ثم بين أن الفعل هو العامل، أو شبه الفعل مما فيه حروفه ومعناه هو العامل في المفعول معه، وليس (بالواو) خلاف للجرجاني ولا بالمخالفة، خلافاً للكوفيين، ولا بكونه مفعولاً به لفعل مقدر خلافاً للزجاج.

وَبَعْدَ مَا اسْتِفْهَامٍ أوْ كَيْفَ نَصَبْ ... بِفِعْلِ كَوْنٍ مُضْمَرٍ بَعْضُ الْعَرَبْ

هذا البيت قيل: أنه جواب لسؤال؛ لأنه يرد أنك قلت:

بِ (مَا) مِنَ الْفِعْلِ وَشِبْهِهِ سَبَقْ ذَا النَّصْبُ .. جاء في لسان العرب: ما أنت وزيداً؟ زيداً مفعولاً معه، وكيف تكون؟ وكيفَ أنْتَ وقَصْعَةً مِن ثَرِيدٍ؟ كيفَ أنْتَ وقَصْعَةً .. قَصْعَةً هذا مفعول معه وسبقه كيف أنت، ليس فيه فعل ولا معنى الفعل وحروفه، ما أنت وزيداً جاء بعد ما استفهامية، وكيف الاستفهامية، فما الجواب؟

هذا اعتراض على ما سبق، جواب سؤال مقدر تقديره: قد نصبت العرب على المعية من غير تقدم فعل أو شبهه بعض ما ذكرنا، فما جوابه؟

فقال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015