الثاني: أنه مفعول به حقيقة، وأنه دخل معه -دخلت الدار- دخل معه متعدٍ بنفسه، وهذا بعيد؛ لأن دخل ليس متعدياً، دخلتُ الدار مفعول به حقيقةً، ودخل هذا متعدي مثل ضربت، هذا بعيد، المذهب الأول أقرب، وهو مذهب ابن مالك رحمه الله، أنه لازم، ولكنه تعدى إلى المفعول بحرف الجر مثل مررت بزيد، ثم حذف حرف الجر من باب التوسع، أسقط فانتصب، وهذا قريب لا إشكال فيه.
الثالث: أنه ظرف، وأُجري مُجرى المبهم من ظرف المكان، إذاً الثالث أنه ظرف وأجري مجرى المبهم من ظرف المكان؛ لأنه اسم مكان مختص، وإذا كان كذلك لا ينتصب على الظرفية.
القول الثالث: أنه ظرف عُومِل معاملة المبهم؛ لأنه لا ينتصب من أسماء المكان إلا المبهم، حينئذٍ على المذاهب الثلاثة هذه، هل قوله: بِاطِّرَادٍ يجري قيداً للاحتراز أم يكون لغواً؟ فأما على الثاني والثالث فلا يحتاج إلى قيد الاطراد على المذهب الثاني، وهو كونه دخل متعدياً بنفسه، وأنه مفعول به حقيقة لا نحتاج إلى الاطراد، لماذا؟ لأنه أخرجه بقوله: ضمِّن معنى (في) والمفعول به لا يتضمن معنى (في)، إذا قلنا بأنه مفعول به حقيقة، فحينئذٍ نقول: لا نحتاج إلى قيد الاطراد، لأن قوله: ضمِّن معنى (في) أخرج المفعول به؛ لأن المفعول به ينتصب لا على معنى (في)، وكذلك على الثالث، وهو أنه ظرف، حينئذٍ دخل معنا بقوله: ضمِّن معنى (في).
إذاً فأما على الثاني والثالث فلا يحتاج إلى قيد الاطراد؛ لأنه إن كان ظرفاً فهو داخل في الظروف، على قوله: معنى (في)، وإن كان مفعولاً به حقيقة فلا يحتاج إلى قيد الاطراد؛ لأنه ليس على معنى (في)، وأما على الأول، وهو رأي الإمام ابن مالك رحمه الله تعالى، فيحتاج إلى قيد الاطراد، وعليه قوله: بِاطِّرَادٍ ليس حشواً -هذا المراد-، ليس حشواً، بل أراد أن يحترز عن هذا النوع دخل البيت؛ لأن ابن عقيل يقول: فيه نظر، والصواب أنه على مذهبه هو، أنت الآن إذا شرحت، إذا كان ثم قيود، والناظم له مذهب، وأنت تخالفه، حينئذٍ (احترازات) لا تنتقدها إلا باعتبار مذهبه المختار عنده، لا تشرح من رأسك هكذا، وتقول: هذا يخرج به كذا وهذا .. إلى آخره، وتعلل، وتضعف، لا، ما مذهبه؟ مذهب ابن مالك في هذه الألفاظ المنصوبة، وهي أسماء مكان مختصة، أنها مُشَبَّهة بالمفعول به، فالأصل فيها أنها على حذف حرف الجر توسعاً فانتصب ما بعده.
وأما على الأول فيحتاج إلى قيد الاطراد، فإن نصبه على التوسع والمجاز حكم اللفظ فلا يخرجه ذلك عن معنى (في)، وهذا هو الذي اعتبر الناظم إلى قيد الاطراد خلافاً إلى ما ذهب إليه الشارح.
اَلظَّرْفُ وقتٌ أَوْ مَكَانٌ ضُمِّنَا ... فِي بِاطِّرَادٍ دون لفظها لو صُرِّح بـ (في) صمت في يوم الخميس، يوم الخميس ظرف أم اسم زمان؟ فيه خلاف، والصحيح أنه ليس بظرف، شرط الحكم على اسم الزمان أنه ظرف ألا يُصرّح بـ (في)، ألا ينطق بها، وإنما يلاحظ معناها فحسب، فإذا قال: صمت في يوم الخميس نقول: في يوم جار ومجرور متعلق بصمت. ويشترط في اسم الزمان أن يُسقط الحرف فيقول: صمت يوم الخميس؛ لأنه منصوب، نحن الآن نتكلم في باب المفعول فيه وهو منصوب، من باب المنصوبات، فإذا قلت: في يوم الخميس أخرجته عن كونه ظرف زمان.