إذاً قوله: ضُمِّنَا (الألف) هذه نائب فاعل، و (في) .. ضُمِّنَا، فُعِّلَ، هذا مغير الصيغة يتعدى إلى اثنين، الأول هو الذي ناب عن الفاعل، وهو الألف، والثاني (فِي)، فِي حرف قصد لفظه، وإذا قصد لفظه صار علماً، إذاً (فِي) مفعول به، ضُمِّنَا الوقت، اسم الوقتِ، واسم المكان معنى (في)، معنى (في) هو الظرفية، ومعنى تضمنه: معناها إشارته إليه، يعني: اللفظ يشير إلى معنى الظرفية، وهو كونه وعاءً للحدث الذي دل عليه العامل، سيأتي: فَانْصِبْهُ بِالْوَاقِعِ فِيهِ، يعني: بالحدث الذي وقع فيه، سواء كان هذا الحدث في ضمن فعلٍ أو وصفٍ أو مجرد، فَانْصِبْهُ بِالْوَاقِعِ فِيهِ، حينئذٍ نقول: معنى (في) هو الظرفية، ومعنى تضمنه معناها إشارته إليه، لكونه في قوة تقديرها، وإن لم يصح التصريح بها في الظروف التي لا تتصرف، كـ (عند)، جئت عند زيد، جئت عند صلاة العصر، نقول: (عند) هنا منصوب على الظرفية، وملاحظ فيه معنى الظرفية، إذا قلت: صمت يوم الخميس، يمكن أن يقال: صمت في يوم الخميس، فتصرح بـ (في)، لكن بعض الظروف التي لا تتصرف، التي ملازمة للظرفية وشبه الظرفية هذه لا يصح التصريح بها أبداً؛ لأنها لا تُجر أصلاً بحرف الجر، وإن جُرَّت فإنما يختص بحروف الجر (من) فحسب، وما عداها فلا، فـ (عند) هذا ملازم للظرفية، جئت عند صلاة العصر، ملاحظٌ أن عند صلاة العصر مضمنٌ معنى (في)، وهو الظرفية وأن المجيء كان في ذلك الزمن، فالزمن الذي هو عند صلاة العصر؛ لأن (عند) تكون اسم زمان واسم مكان باعتبار المضاف إليه مثل (كل)، عند المسجد صارت ظرف مكان، عند صلاة العصر، عند الصباح، عند المساء، صارت ظرف زمان، حينئذٍ جئت عند صلاة العصر، يعني: وقت صلاة العصر صار ظرفاً للمجيء، لكن هل يصح أن يقال: جئت في عند صلاة العصر، كما تقول: صمت في يوم الخميس؟ لا يصح.
إذاً لا يشترط تضمين معنى (في) أن يصرح بها، هذا لم يقل به أحد من النحاة.
ضُمِّنَا معنى (في)، إذاً أخرج كل اسم زمان، واسم مكان ليس بظرف، إذ اسم الزمان واسم المكان، أعم من الظرف.