إذاً عندنا أربعة أشياء: اسم زمان، وظرف زمان، اسم مكان، وظرف مكان. ليس كل لفظ دل على زمن يكون ظرف زمان، وليس كل لفظ دل على مكان يكون ظرف مكان، انتبه لهذا، الطلاب يخطئون، فحينئذٍ نقول: اسم الزمان مثل: يوم، يأتيك ((وَاتَّقُوا يَوْمًا)) [البقرة:48] هذا مفعول به «هذا يومٌ مبارك» ((هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ)) [المائدة:119] هذا يوم، جاء خبر، يوم العيد يوم مبارك، هذا جاء مبتدأ، حينئذٍ كيف جاء مبتدأ، والظرف لا يكون إلا منصوباً؟ نقول: هنا ليس بظرف، بل هو اسم زمان وقع مبتدأً، ولا تنافي بينهما، وإنما الذي يتنافى أن يكون ظرف زمان ويقع مبتدأً؛ لأنه لا بد له من متعلق ينصبه، والأصل فيه أن يكون فعلاً، فكيف يكون فعلاً وهو مبتدأ هذا فيه تنافي؟، إذاً َقْتٌ نقول: هذا المراد به اسم وقت، وهو ما دل على زمن، كيوم وساعة وحين ووقت، أَوْ مَكَانٌ أي اسم مكان، و (أَوْ) هنا للتنويع، فدل على أن الظرف ينقسم إلى قسمين: ظرف زمان، وظرف مكان، فأدخل القسمة في الحد، وَقْتٌ أَوْ مَكَانٌ نقول: الكلمتان هاتان شملت الظرف وغير الظرف، فأراد إخراج غير الظرف، اسم الزمان الذي لا يكون ظرفاً، واسم المكان الذي لا يكون ظرف مكان، قال: ضُمِّنَا فِي، يعني ضمن ذلك اسم الزمانِ معنى (فِي)، والمراد بـ (في) الظرفية، والمراد أنه يلاحظ معنى الظرفية، وهي الوعاء، الظرف وعاء، حينئذٍ (في) تدل على الظرفية، ما المراد؟ نقول: الماء في الكوز، الماء في الكأس، دلت (في) هنا على أن الكأس ظرف قد حوى الماء، هنا كذلك إذا دل اسم الزمان واسم المكان باعتبار تضمين معنى (في)، على أن اسم الزمان صار ظرفاً لغيره، واسم المكان صار ظرفاً لغيره صار ظرفاً حينئذٍ، وأما إذا لم يكن كذلك حينئذٍ لا نحكم عليه بكونه ظرف زمان ولا ظرف مكان، إذا استطاع أن يفهم من لفظ اسم الزمان أو اسم المكان معنى الظرفية وملاحظة الظرفية، حينئذٍ نقول: هذا ظرف زمان أو ظرف مكان، وأما إذا لم يكن كذلك فهو باقٍ على أصله، ((اتَّقُوا يَوْمًا)) [البقرة:48] هل اليوم ظرف للتقوى؟ هل هو على معنى (في)؟ لا؛ لأن التقوى لو كانت على معنى (في)، لصار يوماً هنا منصوباً على الظرفية، فصار المراد إيجاد التقوى في ذلك اليوم، فيكون ذلك اليوم وعاءً للتقوى، حينئذٍ خرجت التقوى من الأمر بها في الدنيا، صارت مؤجلة إلى الآخرة، ((وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ)) [البقرة:281]، وإنما المراد اتقوا نفس اليوم، نفس اليوم هو المتقى.
إذاً ليس على معنى (في)، لكن لو قلت: صمت يوم الخميس، يوم الخميس صار ظرفاً للصوم، كأنه قال: صمت في يوم الخميس، فمعنى الظرفية هنا ملاحظ، لا يشترط التصريح بلفظ (في) حتى نحكم عليه بأنه ظرف زمان أو مكان، لا، وإنما تلاحظ المعنى الذي تدل عليه (في)، وهو الظرفية فحسب سواء أمكن التصريح أو لا، يعني: لا يشترط إذا قلت: صمت يوم الخميس، هل هو ظرف أولا؟ قال: اصبر صمت في يوم الخميس، صح، نقول: لا، لا يشترط فيه، وإنما هل التركيب هنا على معنى الظرفية أو لا؟ هل يوم الخميس وعاء للصوم؟ إن كان نعم فهو ظرف، وإلا فلا.