المؤكِّد لعامله أي لمعنى عامله، ثم المراد بمعنى عامله المصدر، المراد به بعض الفعل، بعض العامل، وليس كل العامل لماذا؟ لأنك إذا قلت: ضربتُ ضرباً، ضرباً هذا تأكيد للعامل، وهو ضرب، مؤكِّد له توكيداً لفظياً أو معنوياً؟ التوكيد المعنوي محصور في النفس والعين، وتلك الألفاظ الخمسة، هذا ليس واحداً منها، حينئذٍ هو لفظي، إذاً صار تأكيداً لفظياً حينئذٍ لا بد أن يكون المؤكَّد والمؤكِّد متحدين في المعنى، كلٌ منهما مدلوله شيء واحد، لا يكون المؤكِّد دالاً على شيء واحد، والمؤكَّد دالاً على شيئين اثنين، وإذا نظرنا إلى (ضرباً) أنه توكيد بضربَ، ضَرْب يدل على شيء واحد؛ لأنه مصدر، وضَرَبَ يدل على شيئين اثنين، ومن شرط التأكيد اللفظي التطابق في المعنى، فلا بد أن يكون المؤكِّد، وهو ضرباً مطابقاً للمعنى الذي دل عليه المؤكَّد وهو ضرَبَ، فحينئذٍ لابد من جعل ضرْباً مؤكِّداً للمصدر الذي دل عليه ضربَ لا لجميع ضرَبَ، فهو مؤكِّد لبعض الفعل العامل، وليس لكله، أما قلنا: الفعل مركب من شيئين زمن ومصدر؟ إذاً ضرباً هذا مؤكِّد للزمن؟ لا، ليس مؤكِّداً للزمن، وإنما هو مؤكِّدٌ للمصدر، إذاً تطابقا أو لا؟ تطابقا، لابد من التأويل، وهذا فقه عجيب.
ضربتُ ضرباً، ضرباً نقول: هذا مؤكِّد للمصدر الذي دل عليه ضَربَ لا لمجموع ضَربَ؛ لأننا لو جعلناه مؤكِّداً لمجموع ضرب، وهو مركب من شيئين، لتخالف عندنا المؤكِّد، والمؤكَّد، وهذا فساد، فحينئذٍ نقدر أن ضرباً مؤكِّد للمصدر فنقول: ضربتُ ضرباً، كأنه قال: أحدثتُ ضرباً ضرباً، ضربتُ ضرباً في قوة قولك: أحدثتُ ضرباً ضرباً، فضرباً ضرباً نقول: الثاني هو المؤكِّد، وضرباً الأول هو الذي دل عليه الفعل، إذا أردنا حل الجملة نقول: أحدثت ضرباً ضرباً؛ لأن ضَربَ معناه أحدثت ضرباً، أكلتُ أحدثتُ أكلاً، نمتُ أحدثتُ نوماً .. إلى آخره، فضَربَ أحدثتُ ضرباً ضرباً، جاء مؤكِّداً للمصدر.
إذاً توكيد لمعنى عامله أي للمصدر الذي دل عليه العامل.
المؤكِّد لعامله: أي لمصدر عامله الذي تضمنه ليتحد المؤكِّد والمؤكَّد، فنجعله مؤكِّداً للمصدر الذي دل عليه العامل، إذ ذالك شرطٌ في التوكيد اللفظي الذي هذا منه، ضربتُ ضرباً نقول: هذا توكيد لفظي.
إذاً القسم الأول المفعول المطلق المؤكِّد، هذا نقول: توكيدٌ لفظي، وليس توكيداً معنوياً.
فمعنى قولك: ضربتُ ضرباً أحدثتُ ضرباً ضرباً، والمراد إفادته التوكيد من غير بيان نوعٍ أو عدد؛ لأن المراد تأكيد المصدر فحسب، وأما الضرب هذا يتنوع، الضرب منه قبيح منه حسن منه شديد مؤلم، منه ضعيف، منه بين بين، إذاً أنواع هو، وكذلك قد يكون ضربة، وضربتين، وضربات، وعشر ضربات، نقول: هذا المراد بالمؤكِّد هنا اللفظي بيان تأكيد المصدر فحسب بقطع النظر عن نوعه وعدده؛ لأن هذا له قسمان مستقلان.
من غير بيان نوعٍ أو عدد، وإلا فالتوكيد لازم للمفعول المطلق مطلقاً، كل الأنواع فيها نوع توكيد، وإن كان لا يقصد، وسمي توكيداً؛ لأنه لم يفد غير ما أفاده الفعل الناصب له.
إذاً تَوْكِيدَاً المراد إفادته التوكيد من غير بيان نوعٍ أو عدد.