المؤكِّد إذا جيء به ضربتُ ضرباً، المراد به التوكيد من غير تعرض لعدد أو بيان نوع؛ لأن كلاً منهما قد وضع له قسم مستقل، وإلا فالتوكيد لازم للمفعول المطلق مطلقاً، يعني الأقسام الثلاثة كلها مؤكِّدة، لكن لما تمحض القسم الأول للتوكيد عُنوِن له بهذا العنوان، ولما كان مراعاة بيان النوع في القسم الثاني مع التوكيد جُعل مبيناً للنوع، ولما كان الغالب أو المراد أو المقصد من العدد بيان العدد مع التأكيد، جُعل عنواناً له وترجمةً له، وإلا الثلاثة كلها من المؤكِّدات، لكن المؤكِّد الأول النوع الخاص؛ لأنه تمحض للتأكيد، ولم يأت لبيان عددٍ، ولا بيان نوعٍ، حينئذٍ سمي مؤكِّداً، وإن كان لا يقصد، وسمي توكيداً؛ لأنه لم يفد غير ما أفاده الفعل الناصب له، ضربتُ ضرباً ما زاد شيئاً، أحدثت ضرباً ضرباً لم يزد أي شيء، بخلاف ضربتُ ضرب الأمير، وضربتُ ضربتين، فيه زيادة على ما دل عليه المصدر، أما ضربتُ ضرباً ليس فيه زيادة.

والمؤكِّد صورته، أو حقيقته، وضابطه: أن يكون مصدراً منكراً، ضرباً، ضربتُ ضرباً، هذا مصدر منكر، غير مضاف ولا موصوف؛ لأنه لو أضيف أو وصف حينئذٍ تعين، صار فيه نوع تخصيص، وهو المراد به أن يكون اسم جنس مبهم كما سيأتي.

سواء كان عامله فعلاً نحو: ضربتُ ضرباً، أم وصفاً نحو: أنا ضاربٌ زيداً ضرباً، ضرباً هذا نقول: مفعول مطلق، والعامل فيه الوصف كما سبق، وسواء كان من مادته كالمثالين السابقين أم كان العامل من مادة مرادف لمادته، -هذا كما ذكرناه-: أعجبني قيامك وقوفاً، وقوفاً نقول: هذا مصدر مفعولٌ مطلق، والعامل فيه السابق.

نحو: قعدتُ جلوساً –السابق-، وأنا قاعدٌ جلوساً.

تَوْكِيدَاً أوْ نَوْعاً.

إذاً تَوْكِيدَاً يبين المصدر إذا ذُكر مع عامله توكيداً، نحو: اضرب ضرباً.

أوْ نَوْعَاً يعني أو يبين المصدر نوعاً، يعني بيان نوع العامل؛ لأن العامل يختلف، له أنواع فيما يكون له أنواع، فحينئذٍ يجاء بالمفعول المطلق للدلالة على نوع العامل، ما نوعه؟ نقول: هذا له صور، وصوره عديدة، أشهرها أن يكون مصدراً مضافاً، إذا أُضيف المصدر، حينئذٍ نقول: هذا مُبينٌ للنوع، كالمثال الذي ذكره الناظم: سِرْتُ سَيْرَ ذِي رَشَدٍ، السير يختلف، ذي رشد، وغير الرشد، قال: سِرْتُ سَيْرَ ذِي رَشَدٍ، إذاً خصص العامل، سِرْتُ هذا مطلق، فيه إطلاق، سير ذي رشد وغيره، فلما جاء سَيْرَ ذِي رَشَدْ نقول: هذا بيَّن نوع العامل.

إذاً الأول أن يكون مصدراً مضافاً، ومنه المثال الذي ذكره الناظم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015