[ومن متأخريهم الشيخ الإمام أبو محمد عبد القادر بن أبي صالح الجيلاني، قال في كتاب (الغنية) : أما معرفة الصانع بالآيات والدلالات على وجه الاختصار؛ فهو أن يعرف ويتيقن أن الله واحد أحد.
إلى أن قال: وهو بجهة العلو مستو على العرش، محتو على الملك، محيط علمه بالأشياء {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر:10] ، {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [السجدة:5] ، ولا يجوز وصفه بأنه في كل مكان، بل يقال: إنه في السماء على العرش كما قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5] وذكر آيات وأحاديث.
إلى أن قال: وينبغي إطلاق صفة الاستواء من غير تأويل، وأنه استواء الذات على العرش، قال: وكونه على العرش مذكور في كل كتاب أنزل على كل نبي أرسل بلا كيف وذكر كلاماً طويلاً لا يحتمله هذا الموضع، وذكر في سائر الصفات نحو هذا] .
قوله رحمه الله: (محتو على الملك) أي: محيط علمه به، أو أنه سبحانه وتعالى منفرد به لا شريك له فيه، وليس معناه أنه قد حل فيه شيء من خلقه، أو أن خلقه فيه، فهذا لا يقوله أحد من أهل الإسلام، وليس مراداً من كلام الشيخ رحمه الله، إنما المراد هنا بقوله: (محتو على الملك) ، إما أن يقال: إنه محيط به؛ كقوله: {وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً} [النساء:126] ، أو إنه منفرد به سبحانه وتعالى.