قال رحمه الله: (ثم هم مع هذه الأصول) يعني: المتقدم ذكرها، (يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر) ، بدأ رحمه الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قبل غيره؛ لأنه السياج الذي تحفظ به الشريعة وتقام به الملة، وقد قدمه الله سبحانه وتعالى على غيره في عدة مواضع: ومن ذلك قول الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:110] ، وقول الله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ} [التوبة:71] ، ثم ذكر من صفاتهم ما ذكر؛ فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو السياج الذي تحفظ به الأمة من الزيغ والضلال في العقائد والأعمال.
قال رحمه الله: [يأمرون بالمعروف] ، المعروف: هو كل ما أمر الله به ورسوله إما أمر إيجاب أو أمر استحباب، والمنكر: هو كل ما نهى عنه الله ورسوله.
قال: [على ما توجبه الشريعة] ، وهذا قيد مهم يميز أهل السنة والجماعة عن غيرهم؛ فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصل تعتمده كثير من الفرق المخالفة لأهل السنة والجماعة، لكن أهل السنة والجماعة اعتمدوا هذا الأصل وقيدوه بقيد مهم، وهو قوله رحمه الله: [على ما توجبه الشريعة] ، أي: على الطريقة الشرعية، لا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الناشئ عن العواطف أو الأهواء أو الآراء المنحرفة عن الكتاب والسنة بل هم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر كما أمر الله سبحانه وتعالى بذلك على طريقة النبي صلى الله عليه وسلم.
وأهم ما يجب ملاحظته في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: هو أن يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعلم، وأن يكون برفق، وأن يكون معه صبر، هذه الأوصاف الثلاثة أوصاف ضرورية لكل آمر بالمعروف وناه عن المنكر: لابد من العلم حتى تميز بين المعروف والمنكر، ولابد من الرفق حتى يتحقق المقصود، ولابد من الصبر حتى تتحمل النتيجة؛ لأنه ما من إنسان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا ولابد أن يناله شيء من الأذى إما الأذى الحسي أو القولي والمعنوي.