بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وبعد: قال المصنف رحمه الله: [ثم هم مع هذه الأصول يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر على ما توجبه الشريعة.
ويرون إقامة الحج والجهاد والجمع والأعياد مع الأمراء أبراراً كانوا أو فجاراً، ويحافظون على الجماعات، ويدينون بالنصيحة للأمة، ويعتقدون معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً، وشبك بين أصابعه) ، وقوله صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) .
ويأمرون بالصبر عند البلاء، والشكر عند الرخاء، والرضا بمر القضاء.
ويدعون إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، ويعتقدون معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً) .
ويندبون إلى أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك.
ويأمرون ببر الوالدين، وصلة الأرحام، وحسن الجوار، والإحسان إلى اليتامى والمساكين وابن السبيل، والرفق بالمملوك.
وينهون عن الفخر، والخيلاء، والبغي، والاستطالة على الخلق بحق أو بغير حق.
ويأمرون بمعالي الأخلاق، وينهون عن سفاسفها.
وكل ما يقولونه أو يفعلونه من هذا وغيره فإنما هم فيه متبعون للكتاب والسنة، وطريقتهم هي دين الإسلام الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم.
لكن لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة، وفي حديث عنه أنه قال: (هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي) ؛ صار المتمسكون بالإسلام المحض الخالص عن الشوب هم أهل السنة والجماعة.
وفيهم الصديقون والشهداء والصالحون، ومنهم أعلام الهدى ومصابيح الدجى؛ أولو المناقب المأثورة، والفضائل المذكورة، وفيهم الأبدال، وفيهم أئمة الدين الذين أجمع المسلمون على هدايتهم، وهم الطائفة المنصورة الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة) .
نسأل الله أن يجعلنا منهم، وألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وأن يهب لنا من لدنه رحمة إنه هو الوهاب.
والله أعلم، وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً] .
هذا الفصل الأخير من هذه الرسالة المباركة هو في بيان المنهج التفصيلي لمسلك أهل السنة والجماعة؛ وذلك لأن في بيان المنهج التفصيلي تمييز أهل السنة والجماعة، وذلك أن الفصل الذي قبل هذا هو بيان للمنهج على وجه العموم، وهو اتباع الكتاب والسنة والإجماع، وبيان سبب وصفهم بهذين الوصفين، وتسميتهم بأهل السنة والجماعة.