قال: [لكن التي يضلل فيها مسألة الخلافة] .
يعني: الخلاف فيمن هو الأحق بالخلافة؟ قال: [وذلك أنهم يؤمنون] .
الضمير يعود إلى أهل السنة الجماعة.
[وذلك أنهم يؤمنون أن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي - كما هو الواقع - ومن طعن في خلافة أحد هؤلاء فهو أضل من حمار أهله] .
وهذه عبارة الإمام أحمد رحمه الله: من طعن في خلافة أحد هؤلاء فهو أضل من حمار أهله، وفيه بيان بعد ضلال من خالف في هذا، فإن الصحابة رضي الله عنهم اتفقوا على هذا الأمر: أبو بكر تولى ولم يخالف، وأجمعت على توليته وخلافته الأمة، ووافق على ذلك الصحابة رضي الله عنهم، وما نقل من تأخر علي رضي الله عنه عن البيعة لا يدل على عدم موافقته؛ ولذلك وافق وبايع، وإنما تأخر لشيء في نفسه رضي الله عنه، وليس أنه كان يطلب الأمر له، وأما عمر فولايته لعهد من أبي بكر رضي الله عنه، وقد وافق على هذا العهد وعلى هذه الخلافة الأمة، وأجمع عليه الصحابة، ولم يقع فيها خلاف.
ثم عمر رضي الله عنه عهد بالأمر إلى ستة، وهم الذين مات النبي صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، وهؤلاء الستة هم: عثمان، وعلي، وعبد الرحمن، والزبير، وطلحة، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عن الجميع، ثم انحسر الأمر في اثنين: في عثمان وعلي، وجرى البحث والمشاورة في أيهما أحق، وتولى ذلك عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، فأخذ على كل واحد منهما العهد على أنه إذا ولي يعدل، وإذا لم يول يسمع ويطيع، فلما أخذ من عثمان العهد ومن علي العهد على هذا الأمر؛ بايع عثمان رضي الله عنه، وبايع الناس ومن جملتهم علي، فكانت بيعة رغبة ورضا، ولو كان علي يعتقد أنه حق بالخلافة من عثمان لما بايع؛ لأن المسألة ما هي بالإجبار، وكان قادراً من الأصل ألا يرضى بالعهد الذي أخذه عليه عبد الرحمن، ولقال: أنا أوصى لي رسول الله، كما تزعم بعض الطوائف.
المهم أن عثمان تولى رضي الله عنه، ثم قتل، ولما قتل تولى علي رضي الله عنه، ووقع الخلاف بين الصحابة الذي سنشير إليه في كلام المؤلف رحمه الله، فخلافة الثلاثة الذي هم أبو بكر وعمر وعثمان لم يقع فيها خلاف ولا قتال، ولم يقاتل أبو بكر ولا عمر ولا عثمان أحداً على الولاية، أما علي رضي الله عنه فقد قاتل على الولاية؛ لأنه خولف وعورض، وكان أحق بها رضي الله عنه.
المهم -يا إخواني- أن خلافة هؤلاء واضحة وبينة ولا إشكال فيها، واتفق عليها أهل الإسلام، ولم يخالف فيها إلا الرافضة الذين أتوا بقول يخالفه علي رضي الله عنه، ويرده علي رضي الله عنه؛ ولذلك قال الإمام أحمد رحمه الله: من طعن في خلافة أحد هؤلاء فهو أضل من حمار أهله؛ لوضوح الأمر وضوحاً جلياً بيناً لا يقبل الخلاف ولا النقاش.