وهنا سؤال: هل يجوز إضافة إرادة الشر إلى الله عز وجل نفياً أو إثباتاً على وجه الإطلاق؟ تفكر وتأمل في قوله تعالى: {قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً} [الأحزاب:17] هنا أضاف السوء والرحمة! لا يجوز إطلاق أن الله يريد الشر، ولا يجوز إطلاق أن الله لا يريد الشر، لا يجوز هذا الإطلاق ولا هذا الإطلاق، فيمتنع أن تطلق إرادة الشر على الله عز وجل، كما أنه يمتنع أن تطلق عدم إرادة الشر على الله عز وجل؛ وذلك أن الإطلاقين نفياً وإثباتاً يحصل بهما إيهام، ويحصل بهما نفي معنىً صحيح، يعني: فيهما إيهام معنى باطل، وفيهما نفي معنى صحيح، وبيان هذا: أن الإرادة تنقسم إلى قسمين: إرادة شرعية أمرية وهي: ما تعلق بالمحبة والرضا، وإرادة كونية قدرية وهي: التي لا تعلق فيها بالمحبة والرضا، فمن قال: إن الله يريد الشر يوهم أنه يريده محبة ورضا؛ ولذلك نقول: لا تطلق، ومن قال: لا يريد الشر يوهم أنه لم يقضه كوناً وقدراً، ولذلك كلا الإطلاقين فيه محظور، فيمتنع إطلاق إرادة الشر عليه نفياً وإثباتاً؛ لما تضمنه من إيهام معنىً باطل ونفي معنى صحيح، والله سبحانه وتعالى يريد من عبده الطاعة محبة ورضا، ويريد ما يكون في الكون من شر لكنها إرادة قدرية كونية لا تتعلق بمحبته سبحانه وتعالى، لكن لا ينبغي للإنسان أن يطلق ذلك نفياً أو إثباتاً.