وأن الله بائن من خلقه في ذاته وصفاته، وأن كلام الله ليس حالا في المخلوقات بل هو بائن في ذاته وصفاته -سبحانه وتعالى- وكونه يتكلم بمشيئته وقدرته من لوازم ذاته المقدسة -سبحانه وتعالى- والقرآن كلام الله لفظه ومعناه ليس اللفظ دون المعنى، ولا المعنى دون اللفظ، أما ألفاظ العباد وحركاتهم وأدائهم فكل ذلك مخلوق بائن عن الله عز وجل.

هذه المذاهب الثمانية هي أبرز المذاهب في كلام الرب، وهذه المذاهب تدور على أصلين: الأصل الأول هل كلام الرب واقع بمشيئته واختياره وقدرته أو بغير مشيئته واختياره، والأصل الثاني هل كلام الرب قائم بذاته ومتصف به أو هو خارج عن ذاته ومنفصل عنه.

هذه المذاهب الثمانية كلها تدور على هذين الأصلين، الأصل الأول اختلفوا في ذلك فقال بعضهم: إن كلام الرب واقع بغير مشيئته واختياره، وهم أربعة طوائف:

الأولى قالت: إن كلام الرب واقع بغير مشيئته واختياره، وهو معنى يفيض منه على نفس شريفة تتكلم به وهم الفلاسفة.

وطائفة قالت: إن كلام الرب معنى قائم به ألفاظ ومعان وحروف وأصوات قديمة في الأزل لم تزل ولا تزال وهم السالمية.

وطائفة قالت: بأن كلام الرب واقع بغير مشيئته واختياره وهو معنى قائم بنفسه جامع لأربعة معان: هي الأمر والنهي والخبر والاستفهام وهم الكلابية، وطائفة قالت: إن كلام الرب معنى قائم بنفسه وهو واحد لا يتبعض ولا يتعدد ولا يتكثر وهم الأشعرية هذه أربعة طوائف، وقال بعضهم: إن كلام الرب واقع بمشيئته واختياره، وهم أربعة طوائف:

طائفة قالت: إن كلام الرب واقع بمشيئته واختياره، وهو الذي يتكلم به الناس كلهم وهو يسمع من جميع الناس وهم الاتحادية، وطائفة قالت: إن كلام الرب واقع بمشيئته واختياره وهو ألفاظ ومعان وحروف وأصوات إلا أنه حادث في ذاته كائن بعد أن لم يكن وهم الكرامية.

وطائفة قالت: إن كلام الرب واقع بمشيئته واختياره وهو ألفاظ وحروف ومعان وأصوات إلا أنها مخلوقة خارجة عن ذاته وهم الجهمية والمعتزلة وطائفة قالت: إن كلام الرب قائم بذاته واقع بمشيئته واختياره وهو قديم النوع حادث الآحاد بحرف وصوت يُسْمَع وهم أهل السنة والجماعة.

أما الأصل الثاني: وهو هل كلام الرب قائم بذاته ومتصف به أو خارج عن ذاته ومنفصل عنه، فاختلفوا فيه فقال بعضهم: إن كلام الرب خارج عن ذاته ومنفصل عنه، وهم ثلاثة طوائف:

طائفة قالت: إن كلام الرب خارج عن ذاته ومنفصل عنه، وهو معانٍ تفيض على النفوس الفاضلة الذكية وهم الفلاسفة وطائفة قالت: إن كلام الرب خارج عن ذاته ومنفصل عنه، وهو الذي يتكلم به الناس كلهم حقه وباطله وهم الاتحادية.

وطائفة قالت: إن كلام الرب خارج عن ذاته ومنفصل عنه وهو هذه الحروف والأصوات خلقها خارجة عن ذاته فصار بها متكلما، وقال بعضهم: واقع بذاته متصف به، وهم خمس طوائف:

طائفة قالت: إن كلام الرب قائم بذاته متصف به وهو ألفاظ ومعان وحروف والأصوات لم تزل، ولا تزال، وهم السالمين.

وطائفة قالت: إن كلام الرب قائم بذاته ومتصف به وهو ألفاظ ومعانٍ وحروف وأصوات إلا أنه حادث في ذاته كائن بعد أن لم يكن، وهم الكرامية.

وطائفة قالت: إن كلام الرب قائم بذاته ومتصف به، وهو معنى جامع لا معانٍ هي الأمر والنهي والخبر والاستفهام، وهم الكلابية.

وطائفة قالت: إن كلام الرب قائم بذاته ومتصف به وهو معنى واحد لا يتعدد ولا يتبعض ولا يتجزأ ولا يتكثر وهم الأشاعرة.

وطائفة قالت: إن كلام الله قائم بذاته ومتصف به وهو قديم النوع حادث الآحاد وهم أهل السنة والجماعة فتبين بهذا أن هذه المذاهب ترجع لهذين الأصلين.

والذين أثبتوا الصوت في كلام الله خمس طوائف: طائفة قالت: إن كلام الله بصورة وهو الذي يتكلم به للناس كلهم وهم الاتحادية.

وطائفة قالت: إن كلام الله بالصوت وهذه الحروف والأصوات خلقها خارجة عن ذاته فصار بها متكلما، وهم الجهمية والمعتزلة.

وطائفة قالت: إن كلام الله بالصوت حادث في ذاته كائن بعد أن لم يكن وهم الكرامية.

وطائفة قالت: إن كلام الله بصوت، وهو ألفاظ معان لم تزل، ولا تزل في الأزل وهم السالمية، وطائفة قالت: إن كلام الله بالصوت قديم النوع وحادث الآحاد وهم أهل السنة والجماعة.

والذين لم يثبتوا الصوت ثلاث طوائف: طائفة قالت: إن كلام الله ليس بصوت وهو معنى يفيض على النفس الشريفة فتتكلم بها وهم الفلاسفة.

وطائفة قالت: إن كلام الله ليس بحرف ولا صوت لكنه معنى جامع لأربع معان: الأمر والنهى والخبر والاستفهام وهم الكلابية.

وطائفة قالت: إن كلام الله ليس بصوت، وهو معنى واحد لا يتجزأ ويتعدد ولا يتبعض ولا يتكثر وهم الأشاعرة.

هل الصوت المسموع من كلام الله هل يقال: إنه مخلوق أو غير مخلوق؟ هذا فيه تفسير إن أُرِيدَ به الصوت المسموع عن الله، فهذا كلام غير مخلوق، وإذا أريد به الصوت المسموع عن المبلغ ففيه تفصيل.

وإن أريد به الصوت الذي روي به كلام الله فهذا مخلوق، وإن أريد به الكلام المُؤَدَّى بالصوت فهذا كلام الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015