وقولهم: إن كلام الرب ألفاظ ومعان وحروف وأصوات متعلق بقدرته ومشيئته فهذا حق ولكن قولهم: إنه مخلوق فهذا باطل فقالوا: نحن نقول: إن كلام الرب ألفاظ ومعان وحروف وأصوات تتعلق بقدرته فيتكلم متى شاء إذا شاء إلا أن الكلام مخلوق، خلقه خارج عن ذاته فصار به متكلما هذه الحروف والأصوات خلقها خارجة عن ذاته فصار متكلما بها خلقها من الهواء فمن ذلك الجسم ابتدأ الكلام بدأ من الله لا من اللوح المحفوظ، ولا من الجسم.

قالوا: إن الله -تعالى- لما نادى موسى من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة قالوا: إن الله خلق الكلام في الشجرة فهي التي قالت: إنما أرى الله رب العالمين، فإذن يقولون: إن الكلام مخلوق خارج ذاته وإن كان ألفاظا ومعان وحروفا وأصوات بمشيئته إلا أنه مخلوق، وهذا المذهب مبني على نفس الصفات عن الرب لئلا يذهب إلى التشبيه والتجسيد مبني على أنه يلزم لإثبات الصفات للرب التشبيه والتجسيد ومشابهة المخلوقات، ففرارا من ذلك نفوا الصفات، نفوا الصفات فرارا من التشبيه والتجسيد.

هذه سبعة مذاهب، وكلها باطلة وهي التي تدور في العالم لكن هذه المذاهب مذاهب الاتحادية، ومذاهب الفلاسفة، ومذاهب السالمية، ومذاهب الكرامية هذه كلها مذاهب باطلة واضحة البطلان وليست منتشرة انتشارا كبيرا، وقد رددنا عليها وبقية المذاهب المنتشرة والسائدة: الأشاعرة، والكلابية، فالأشاعرة والكلابية يكادان يكونان مذهبًا واحدًا مذهب الأشاعرة مذهب منتشر طبق الأرض حتى إن كثيرا من الفقهاء وغيرهم مذهبهم يتمشى مع مذهب الأشاعرة.

الفقهاء من الحنابلة وغيرهم ومذهب أيضا كثير من الأحناف مذهبهم أشعري بعض الحنابلة حتى صاحب "الروض المربع" أول ما بدأ في الشرح: بسم الله الرحمن فسر الرحمة بالإنعام على طريقة الأشاعرة والإنعام ليست الرحمة، كثير من الفقهاء وغيرهم مذهبهم يتماشى مع مذهب الأشاعرة وقد يوافقهم بعض المحدثين في بعض كالحافظ ابن حجر -رحمه الله- فبعض الصفات أَوَّلَهَا على طريقة الأشاعرة الغضب والرضا والكلام وكذلك النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم يؤول الصفات على طريقة الأشاعرة.

والسبب في هذا أن هؤلاء العلماء الفطاحل المحدثين لم يوفقوا لمن ينشئهم على معتقد أهل السنة والجماعة في سن الطلب ظنوا أن هذا هو الحق.

المحصلة لهم أعمال عظيمة في خدمة الإسلام لكن هذه الأخطاء صدرت منهم عن اجتهاد لم يتعمدوا، ولم ينشئوا مع مذهب أهل السنة والجماعة، فإذا كان هؤلاء العلماء الكبار وقعوا في الغلط ولم يهتدوا إلى مذهب أهل السنة والجماعة، فإذا قرأت ما في الحديث تجد تأويلاتهم الكثيرة فتذكر أقوال كثيرة تأويل اليد خطأ وتأويل السنة والجماعة ولا يزل، فإذا كان بمعتقد أهل السنة والجماعة ولا يزال فإذا كان العلماء الفطاحل زلوا فأنت يخشى عليك أن تزل، فإذن مذهب الأشاعرة مذهب سائد، وكذلك المعتزلة والجهمية ومذهب أهل السنة والجماعة. تبقى هذه المذاهب الثلاث هي المنتشرة الآن.

المذهب الثامن مذهب أهل السنة والجماعة: وهم الصحابة والتابعون لهم بإحسان وأتباعهم والأئمة وهم أتباع الرسل، وهذا الباب عن الرسل مذهبهم في كلام الرب أن الله موصوف بالكلام وأن الكلام من صفاته الذاتية لاتصافه به في الأزل فالله تعالى موصوف بالكلام أزلا وأبدا فهو من صفاته الذاتية لاتصافه سبحانه به في الأزل، ومن صفاته الفعلية لكون الكلام بمشيئة الرب واختياره فالكلام من صفاته الذاتية ومن صفاته الفعلية فهو من صفاته الذاتية؛ لأن نوع الكلام قديم ومن صفاته الفعلية؛ لأن الله يتكلم بقدرته ومشيئته ويتكلم بما شاء إذا شاء كيف شاء سبحانه، وأن نوع الكلام قديم وإن لم يكن الصوت المعين قديما.

وأن كلام الله ألفاظ ومعانٍ بحرف وصوت يُسْمَع وأن نوع الكلام قديم وإن لم يكن الصوت المعين قديما، وأن كلام الرب -سبحانه وتعالى- ليس حالا في المخلوقات ولا متحدا بهم، بل الرب بائن بذاته وصفاته من خلقه منفصل عنهم، والقرآن كلام الله لفظه ومعانيه ليس كلام الله الحروف دون المعاني ولا المعاني دون الحروف، وأما ألفاظ العباد وأصواتهم وحركاتهم وأداتهم وأفعالهم فكل ذلك مخلوق بأمر الله عز وجل.

هذا معتقد أهل السنة والجماعة في الكلام أن كلام الله من صفاته الفعلية والذاتية أن الله متصف بالكلام أزلا وأبدا، ومن صفاته الذاتية لأنه مُتَّصِفٌ به في الأزل، ومن صفاته الفعلية لكون الكلام واقعا بمشيئته وقدرته هو يتكلم بما شاء كيف يشاء متى يشاء، وأن كلام الله ألفاظ ومعانٍ بحرف وصوت يسمع، وأن نوعه قديم، ولكن الصوت المعين قديم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015