قال رحمه الله: [قوله: (والصراط) : أي: ونؤمن بالصراط، وهو جسر على جهنم إذا انتهى الناس بعد مفارقتهم مكان الموقف في الظلمة التي دون الصراط، كما قالت عائشة رضي الله عنها: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: (أين الناس {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ} [إبراهيم:48] ؟ فقال: هم في الظلمة دون الجسر) .
وفي هذا الموضع يفترق المنافقون عن المؤمنين، ويتخلفون عنهم، ويسبقهم المؤمنون، ويحال بينهم بسور يمنعهم من الوصول إليهم، وروى البيهقي بسنده عن مسروق عن عبد الله قال: (يجمع الله الناس يوم القيامة إلى أن قال: فيعطون نورهم على قدر أعمالهم قال: فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل بين يديه، ومنهم من يعطى نوره فوق ذلك، ومنهم من يعطى نوره مثل النخلة بيمينه، ومنهم من يعطى دون ذلك بيمينه، حتى يكون آخر ذلك من يعطى نوره على إبهام قدمه يضيء مرة ويطفأ مرة، فإذا أضاء قدم قدمه، وإذا طفئ قام، قال: فيمر ويمرون على الصراط، والصراط كحد السيف دحض مزلة، فيقال لهم: امضوا على قدر نوركم، فمنهم من يمر كانقضاض الكوكب، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كالطرف، ومنهم من يمر كشد الرحل ويرمل رملاً، فيمرون على قدر أعمالهم حتى يمر الذي نوره على إبهام قدمه، تجر يد وتعلق يد، وتجر رجل وتعلق رجل، وتصيب جوانبهم نار، قال: فيخلصون فإذا خلصوا قالوا: الحمد لله الذي نجانا منكِ بعد أن أراناكِ، لقد أعطانا الله ما لم يعطِ أحداً) الحديث] .
هذا من الأهوال التي ذكرت في يوم القيامة، ذكر الله تعالى أن الأرض تبدل، فسئل النبي صلى الله عليه وسلم: (أين النار يوم تبدل الأرض غير الأرض؟ فقال: في الظلمة دون الجسر) ، وفي حديث ابن عباس: (إنهم على الصراط) ، وقد تكاثرت الأدلة في أنهم يعبرون على الصراط، والصراط في الأصل: هو الطريق الذي يسار عليه، قال تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:6] ، {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ} [الأنعام:153] ، وهو صراط معنوي، وفي الآخرة صراط حسي يعبر الناس عليه، ويسيرون عليه، وهذا الصراط منصوب على متن جهنم يمر الناس عليه على قدر أعمالهم.