من كرامات الصحابة

الكرامات التي تجري على أيدي الصالحين من عباده وقع كثير منها لبعض الصحابة، كالنصر والتأييد لهم في الوقائع التي يقلّ فيها عددهم، ويكثر عدد عدوهم، فإذا دعوا ربهم وسألوه استجاب لهم، ونصرهم وخذل عدوهم، وقد ذكروا من ذلك وقائع: منها: أن عمر كان يخطب، فبينما هو يخطب جرى على لسانه: يا سارية الجبل! يا سارية الجبل! وكان سارية أميراً لجيش يقاتل في بلاد الشام، وكان في ذلك الوقت قد حمي القتال، وسمع الصوت من بعيد ولا يدري أحد ما مصدره، فقال لأصحابه: لوذوا بالجبل، واجعلوه خلف ظهوركم حتى تغلبوا عدوكم، فانتصروا بإذن الله.

وذكروا: أن رجلاً جاء إليه، فقال: ما اسمك؟ قال: جمرة، قال: ابن من؟ قال: ابن شهاب، فقال: من أي قبيلة؟ فقال: من بني ضرام من الحرقة، فقال: ما أظن أهلك إلا قد احترقوا، فوجد الأمر كذلك، فهو سمع أن اسمه يدور حول هذه الأمور: حرارة وشهب وجمر ونحو ذلك.

ولما قتل عثمان رضي الله عنه كان أول قطرة منها وقعت على المصحف على قوله تعالى: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} [البقرة:137] ، فقال الصحابة: لا بد أن ينتقم الله من هؤلاء، وأن ينتصر الذين يحمون له، واستنبط ابن عباس من قوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا} [الإسراء:33] أن معاوية ومن معه سينتصرون؛ لأنهم يقاتلون لأجل قتل مظلوم وهو عثمان، فصار ذلك سبباً لانتصارهم، وأمروا ألا يسرفوا في القتل.

ومن الكرامات ما جرى على يدي بعض الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فـ أسيد بن حضير وعباد بن بشر صحابيان من الأنصار، خرجا مرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة شديدة الظلمة، فأضاء لهما طرف سوط أحدهما نوراً يشع أمامهما في ذلك الظلام وفي تلك الطرق الضيقة، حتى إذا افترقا وذهب كل منهما إلى داره، افترق النور بينهما مع هذا شعبة، ومع هذا شعبة، إلى أن دخل كل منهما على أهل بيته، وذلك كرامة لهما.

وكان أسيد بن حضير مرة يقرأ في سورة الكهف، فلم يشعر إلا وسرج أمثال المصابيح قد نزلت عليه، وكان فرسه مربوطاً، فلما أحس بتلك الأنوار التي نزلت من السماء حاس الفرس وتحرك، فأسرع بالصلاة، وكان ابنه قريباً من الفرس فخشي عليه، فلما انصرف من الصلاة ورفع رأسه وإذا تلك المصابيح قد ارتفعت، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (اقرأ يا ابن حضير فتلك الملائكة نزلت لقراءتك) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015