قال - صلى الله عليه وسلم -: «الولاء لحمةٌ كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب». هذا دليلُ اعتبار الولاء سبب من أسباب الميراث وليس الأول، الأول الحديث دل على ماذا «إنما الولاء لمن أعتق». من الذي يوصف بالولاء ولا العتاقة؟ الذي أعتق هذا لا يدل على أنه يرث، لا يدل على أنه يورث به، ليس سببًا، ولكن الدليل الذي يدل على أن الولاء من أسباب الميراث هو النص هذا الذي ذكره الشارح: «الولاء» أي الولاء؟ ولاء العتاقة يثبت لمن؟ لمن أعتق أو عصبته المتعصبون بأنفسهم، «لحمة كلحمة النسب». شَبَّهَ النبي - صلى الله عليه وسلم - ولاء العتاق بالنسب، والنسب يورث به وهو مُشَبَّهٌ به فكذلك الْمُشَبّه يورث به، واضح؟ لُحمه لَحمه بالوجهين بالضم والفتح يجوز فيها الوجهان، «الولاء لحمةٌ» أي عُلْقَةٌ وارتباط كعُلْقَةِ وارتباط النسب، فيثْبُتُ للمُشَبّه ما ثبت للمُشَبَّهِ به، المشبّه هنا الولاء، والمشبّه به النسب، يثبت للمشبه ما ثبت للمشتبه به وهو الإرث، فيثبت للمشبه ما ثبت للمشبه به وقد ثبت للمشبه به الإرث فيثبت للمشبه، لكن المشبه هنا لا يُعْطَى حكم المشبه به من كل وجه لأن النسب يورث به من الطرفين، وأما الولاء فيورث به من طرفٍ واحدٍ، فلا يقال التشبيه يقتضي أنه يورث به من الجانبين كما في النسب، مع أنه لا يُورث به إلا من جانب واحد، وهذا محل إجماع بين أهل العلم. «كلحمة النسب» لا يُباع أو لا يُوهبُ، لا يباع يعني لا يجوز بيعه، ولا يُوهب يعني لا يجوز هبته أعطاه هبه. رواه الشافعي رحمه الله تعالى من حديث .. ، صححه بن حبان والحاكم، وفي الحديث اختلاف، لكن محل إجماع المسألة محل إجماع في الجملة.
إذًا السبب الثاني الذي يورث به هو الولاء، والمراد به ولاء العتاقة، ويورث به من جانب واحد وهو أن المعتِق هو الذي يَرِثُ العتيق من غير عكس، العتِيق لا يرث الْمُعْتِق إلا إذا أعتقه على المثال الذي ذكرناه فيرث حينئذٍ من حيث كونه معتِقًا، وكذلك عصبته المتعصبون بأنفسهم.
(وَنَسَبْ) هذا هو الثالث، والنسب المراد به: القرابة، القرابة بين الوارِث والمورِّث، لا بد من سبب يربط بينهما، ما يُتوصل به إلى غيره، لا نصل إلى الإرث إلا من طريق شرعي: إما نكاح، وإما ولاء، وإما نسب.