إلى آخره، كأنه قال للمعتق تعليق الحكم للمشتق يؤذن بعلِّيَّةِ ما منه الاشتقاق والموصول وصلته في المشتق، فكأنه قيل الولاء للمعتق لأجل إعتاقه، مثل {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] لسرقتهما {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} [النور: 2] لزناهما، إذًا لتعليل هذا أُخِذَ من ماذا؟ من كون الحكم رُتِّب على مشتق، فيدور الحكم مع علته وجودًا وعدمًا، أي لأجل إعتاقه، فعلم من ذلك أن الإعتاق هو سبب الولاء «إنما الولاء لمن أعتق». هذا حديث متفقٌ عليه من حديث عائشة رضي الله عنها، وهذا الولاء يرث به المعتِق دون العتيق، يعني يرثُ به من جانب واحد، واختص به المعتق خاصةً دون العتيق لأن الإنعام من جهته فقط، فاختص الإرثُ به لأنه هو المنعم، قلنا: عندنا مُنْعِم ومُنْعَمٌ عليه، المنعَمُ عليه لم يقدم شيئًا، وإنما الذي قدّم هو الذي أنعم، فاختص الولاء به، ويرثُ به المعتق خاصةً لأن الإنعام من جهته فقط، فاختص الإرثُ به. والشارح يقول من حيث كونه معتِقًا، وهذا التقييد لا وجه له، يعني وجوه وعدمه سواء احترازًا هو أراد أن يحترز به من العتيق إذا ورث من صورةٍ، صورة يقول: لو اشترى ذمي إذًا ليس المسلم، ذمي اشترى عبدًا، ثم أعتق هذا العبد، ثم هذا السيد الذمي التحق بدار الحرب فاستُرِق حينئذٍ إذا اشتراه عتيقه فاعتقه يرث أو لا؟ يرث، يرث من ماذا؟ يرث من سيده قبل أن يذهب إلى دار الحرب، طيب يرث من أي جهة من جهة كونه عتيقًا أو من جهة كونه معتِقًا؟ الثاني إذًا لا داعي إلى هذا القيد.
إذًا يرث به المعتِق وعصبته المتعصبون بأنفسهم إذا لم يوجد عتيق سيد أعتق عبدًا، ثم مات السيد وعنده ابن مات العبد وله مال؟ يرثه سيده الذي أطلقه وأعتقه لكنه مات حينئذٍ ينتقل الإرث أو سبب الإرث الولاء من الأصل وهو السيد إلى العصبة، لكن يشترط في العصبة هنا أن يكونوا عصبةً بالنفس، سيأتي معنا أن العصبة أنواع:
عصبة بالنفس.
وعصبة بالغير.
وعصبة مع الغير.
الذي يرث بسبب الولاء السيد، فإن فُقِدَ العتيق الْمُعْتِق فإن فقد حينئذٍ عصبتهُ المتعصبون بأنفسهم، وهذا سيأتي بحثه في باب التعصيب، كابن المعتق ابنه لو مات المعتق العبد من يرثه؟ ابنه أو أبوه أبو المعتق أو جدّه واحد منهم المتعصبون بأنفسهم، لا المتعصبون بالغير كبنات المعتِق مع بنيه فإنهن عصبات بالغير، وكذلك يحترز به عن أخوات المعتِق مع بناته فإنهن عصباتٌ مع الغير فلا إرث لهن بالولاء.
إذًا الذي يرث بالولاء هو المعتِق الذي عتق باشر العتق العِتَاق ثم إذا لم يكون فعصبته المتعصبون بأنفسهم لا بالغير ولا مع الغير، وهذا تفهمونه بما سيأتي إن شاء الله تعالى.