والنسب أي القرابة والمراد بها الرحم، وعُرِّفَتْ عند أرباب الفرائض بأنها الاتصال بين إنسَانَيْنِ بولادة قريبة أو بعيدة، اتصال بين إنسَانَيْنِ تثنية إنسان، بولادة يعني بجمعهما بطن، إما قريبة وإما بعيدة، قريبة كالابن مع الأب وأمه، بعيدة كالجد أو جد الجد ونحو ذلك، فيجمعهما أصلٌ واحد وإن بُعدَ. إذًا اتصال أي ارتباط واجتماع بين إنسانين سواء كان ذكرًا وأنثى، أو أنثى وأنثى، أو ذكر وذكر بولادة يعني بسبب ولادة قريبة أو بعيدة، ولذلك قال بعضهم: الرحم إنما سُمِّيَتْ رحم لاشتقاقها من الرحم، يعني كل منهما يخرج من رحم واحد، فهو الأصل، لقوله تعالى: {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75]. والرحم لفظ يشمل كل من بينك وبينه قرابة قربت أو بعدت، كانت من جهة الأب أو من جهة الأم، وهي مؤنثة الرحم مؤنثة، والمراد بها: الأبوة، والبنوة، والإدلاء بأحدهما، فيرث بها الأقارب، يعني يورث بها من الجانبين تارة، ويورث بها من أحد الجانبين أخرى، يعني الأصل فيها ألا تقتصر على أحد الجانبين دون الآخر، هذا هو الأصل فيها، فالأب يرث من ابنه، والابن كذلك يرث من أبيه، البنت ترث من أمها، والأم ترث من ابنتها، .. وهكذا.
قال هنا: وهم الأصول والفروع والحواشي، يقسم الفرضيون القرابة إلى ثلاثة أنواع:
- الأصول جمع أصل.
- والفروع جمع فرع.
- والحواشي جمع حاشية.
ما المراد بكل واحد من هذه الأقسام الثلاثة ومن الذي يرث منهم؟
إذ ليس كل أصلٍ يرث، وليس كل فرع يرث، وليس كل حاشية ترث.
أصول، وفروع، وحواشي.
فالأصول من لهم ولادة على الشخص كالأم والأب وإن عَلَو، الجد له ولادة على الشخص، كذلك جَدّ الْجَدّ، والْجَدّة وجَدَّة الْجَدّة .. وهلم جرا، وإن علو، والوارث منهم ليس كل أصل يرث إذ هما قسمان وارثٌ ورحمٌ، الذي يرث هو من؟
كل ذكرٍ ليس بينه وبين الميت أنثى، هذا ضابطه، كل ذكرٍ ليس بينه وبين الميت أنثى، يعني أب، أبُ الأب، أبُ أبي الأب، هذا متصل كلهم ذكور إلى الميت، هَلَكَ هَالِك ولد وترك أبًا، هذا متصل، ترك أبا أبٍ ترك أبا أبٍ أَبٍ نقول: هذا متصل بمحض الذكور وليس بينهما أنثى، كالأب وأبيه وإن علا بمحض الذكور.
فإن كان بينه وبين الميت أنثى فهو من ذوي الأرحام كأبي الأم، أبو الأم هل يرث في الابن؟ نقول: هذا من ذوي الأرحام ليس له لا تعصيب ولا فرع.
إذًا النوع الأول من الوارثين من الأصول: كل ذكرٍ ليس بينه وبين الميت أنثى، فإن وقعت الأنثى بينه وبين الميت فهو من ذوي الأرحام، والمذهب يورثهم على تفصيل يأتي في محله. الثاني ممن يرث من الأصول - الأول باعتبار الذكر - وأما الأنثى كل أنثى ليس بينها وبين الميت ذكر قبله أنثى، هذه ضوابط - سيأتي باب الوارثين من الرجال وباب الوارثين من النساء على التفصيل وهي واضحة بينة - لكن من حيث الضوابط العامة التي لا تُشْكِل على الشخص يحفظ هذه القواعد، كل أنثى ليس بينها وبين الميت ذكرٌ قبله أنثى، فإن وجد قبله أنثى فحينئذٍ لا يرث.