وأما في اصطلاح أهل الشرع الفقهاء فهو عصوبة سببها نعمة العتق على رقيق، عُصُوبة فُعُولة سببها، سببُ هذه العصوبة نعمة العتق على رقيق، عندنا مُنْعِم ومُنْعَمٌ عليه، الْمُنْعِم هو السيِّد، والْمَنْعَم عليه هو العبد والرقيق. الولاء هنا هو وصف للسيد متى؟ إذا أعتَق حينئذٍ بعتقه لذلك العبد صار هذا العتق سببًا في ماذا؟ في ثبوت الإرث بينهما، ولذلك قال: عُصُوبة. والعصوبة المراد بها ارتباط بين الْمُعْتِق والعَتِيق. المعتِق بكسر التاء السيد، والعتيق فَعِيل بمعنى مَعْتُوق وهو العبد. فإذا قيل: المعتق، فالمراد به السيد، وإذا قيل العتيق فالمراد به العبد، إذًا عُصُوبةٌ يقال تعصب القوم عليهم تجمعوا فثَمَّ ارتباطٌ واجتماع بين المعتق والعتيق، كالارتباط بين الوالد وولده، عُصوبة بين الوالد وولده، وهذه العصوبة بين الوالد وولده كذلك سببها نعمة، وهي كون الوالد سببًا في وجود الولد هذا من العدم إلى الوجود، كذلك السيد سبب في وجود العتيق لأنه قبل إعتاقه كان كالمعدوم، لا يملك، لا يرث، لا يورث، لا يهب، لا يكتسب .. إلى آخره، فليس له تصرف البتة. حينئذٍ هو شبه المعدوم، فلما أعتقه صار حرًّا، فيرث، ويورث، ويكتسب، ويهب ويُوهب .. إلى آخره، حينئذٍ وجدت أو وُجِدَ سبب الإنعام من المعتِق على عتيقه، هنا قال: كالارتباط بين الوالد وولده، سبب تلك العصوبة إنعام المعتِق على رقيقه بالإعتاق، وهو حلّ الملكية فيه سواء كان عتقًا مُنًجَّزًا أو معلقًا، منجزًا الآن أنت حرّ، معلقًا إذا جاء شهر رمضان فأنت حرّ هذا معلّق، تطوعًا أو واجبًا كفارة ونحوها، والتطوع واضح، فجميع وجوه العتق يثبت بها الولاء. إذًا عصوبةٌ سببها سبب هذه العصوبة [نعمة المعتِق نعم] نعمة العتق على رقيقه، سُمِّي ذلك ولاءً قالوا: لانتساب العتيق إلى معتقه كانتساب الولد لوالده. لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الولاءُ لمن أعتق». هذا ليس لبيان كون الولاء سببًا من أسباب الميراث، وإنما لقوله سببها نعمة العتق، ولذلك قال هنا في الحديث: «إنما الولاء لمن أعتق». أي لا لغيره، لأن إنما هذه تفيدُ الحصر، إثبات الحكم في المذكور ونفيه عمّن عداه، فالولاء يكون لمن أعتق، ومن أعتق صلة وموصوله، والصلة والموصول في قوة المشتق، وهنا علق الحكم على المشتق، حينئذٍ يدور الحكم من علته وجودًا وعدمًا. إذًا هذا الاستدلال هنا من المصنف مرادٌ به التأكيد على قوله: سببها نعمة المعتق. ووجه الاستدلال كذا قال البيجوري: أن تعليق الحكم بالمشتق يؤذن بعلِّيَّةِ ما منه الاشتقاق، القاعدة، والموصولُ وصلته في قوة المشتق، أين الموصول؟ لمن أعتق، يعني للذي أعتق، الموصول مع صلة في قوة المشتق، يعني يمكنك أن تُزيل من أعتق وتضع في مكانه مشتق اسم فاعل اسم مفعول ..