وأما إذا ارتبط به معنى من المعاني فحينئذٍ نرجع إلى علم البيان، علم البيان فهو الحاكم في مثل هذه المواضع، وذلك نقول مثلاً: يحذف الخبر لكذا وكذا وكذَا، النحاة في الأصل ما يبحثون في هذه، وإنما يبحثون في حذف الخبر جائز واجب فحسب، ثُمَّ ما هي النكات التي يحذف لأجلها الخبر سواءً كان جوازًا أو على جهة الإيجاب، هذا مبحث البيانيين. إذًا وهي نكاحٌ هذا هو الأول. (نِكَاحٌ) النكاح في اللغة هو الضم والجمع يقال: تناكحت الأشجار إذا انضم بعضها إلى بعض التفت بعضها حول بعض، يقال: تناكحت الأشجار إذا اتصلت بعضها ببعض، واضحٌ هذا، وأما في الشرع فهو عقد الزوجية الصحيح، يُزاد عليه من باب التأكيد والإيضاح وإن لم يحصل وطءٌ ولا خَلْوَة، هذا من باب التأكيد لأننا في مثل هذه الحدود الأصل فيها ألا يراعى طرائق المنطقيين، يعني الجنس والفصل .. إلى آخره، وإنما يذكر ما يوضح المقصود فحسب. إذًا عقد العقد لا يكون إلا بإيجاب وقبول لأن النكاح عقد والبيع عقد فما يقال هناك يقال هنا، إلا أن الحنابلة فرقوا بينهما من حيث اللفظ، قالوا: البيع يحصل بكل لفظ سواء كان الإيجاب أو القبول، وأما النكاح فلا، لا بد أن يأتي بلفظ نكحتُ زوجتُ .. ونحو ذلك مما يدل على اللفظ، لأنه في الشرع لم يرد إلا كذلك سواءٌ كان في الكتاب أو في السنة. إذًا إيجاب وقبول، زوجتك ابنتي قبلت «ثلاثٌ جدهن جد وهزلهن جد». حينئذٍ نقول: زوجتُك ابنتي قبلتُ، حصل النكاح، لو قال بعتك ابنتي بثلاثين ألف مقدمًا وثلاثين مؤخرًا هذا فيه معنى النكاح يحصل؟ على المذهب لا يحصل، وعند شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى طرد الباب لم يفرق بين البيع والنكاح، قال: يحصل النكاح بكل ما يحصل به عرفًا، فما تعارف عليه الناس فلو قال: بعتك وهبتك أعطيتك ابنتي بثلاثين ألفًا - هذا المهر عندنا - حينئذٍ نقول: هذا نكاح وحصل، أما على المذهب فلا. إذًا عقدٌ فيه معنى الإيجاب والقبول على التفصيل الذي ذكرناه، خرج بالعقد وطء الشبهة والزنا، وطء الشبهة ليس بعقد، لماذا ليس بعقد؟ لأنه عقدٌ فاسد، وإذا كان كذلك فإذا فسد العقد رجعنا إلى أصله فيُفسخ من أصله فحينئذٍ يكون الإيجاب والقبول لا على محله شرعًا، وعقد وطء الشبهة هذا كما إذا عقد على امرأة يظنها أجنبية فبانت أخته بالرضاعة، فحينئذٍ هذا يُسمى وطء شبهة، ولا يسمى نكاحًا ويلحق به الأبناء وكذا ونحو ذلك للمصلحة العامة، عقد الزوجية، وأما الزنا فهذا واضحٌ بين، عقد الزوجية الصحيح هذه صفة للعقد، خرج به ما يقابل الصحيح وهو الفاسد، وهل يرث بالعقد عقد الزوجية الفاسد أو لا؟ نقول: العقد الفاسد نوعان:

- عقد فاسد مجمعٌ على فساده، كنكاح خامسةٍ فلو تزوج خامسة وعنده أربعة في ذمته الخامسة هذه عقدها فاسد، يعتبر زنى وليس وطء شبهة، لماذا؟ لحرمة الخامسة مع وجود الأربعة في ذمته، هذا العقد فاسدٌ بالإجماع، لو عقد عقدًا فاسدًا ثم مات هل ترثه زوجته؟ الجوابُ: لا. [وأما العقدُ].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015