- النوع الثاني: عقدٌ فاسدٌ مختلفٌ فيه، كالنكاح بلا ولي، هذا جوَّزه بعض وأنكره بعض، عندنا في المذهب عقد فاسد باطل ما يصح، لماذا؟ لفوات ركن من أركان النكاح وهو الولي، عند أبي حنيفة يجوز على تفصيل عنده الثيب والبكر ونحو ذلك، حينئذٍ نقول: هذا العقد مختلفٌ فيه فاسدٌ عندنا، صحيح عند غيرنا، إن تحاكموا إلى قاضٍ يرى هذا الرأي لا إشكال أنه سيصحح الإرث، إن تحاكموا عندنا هذا محل خلاف هل يورثُ به أم لا؟ لكن الظاهر أنه لا يورثُ به. عقد الزوجية الصحيح قال: وإن لم يحصل وطء ولا خلوة، النكاح والزوجية تثبت بمجرد العقد، إيجاب قبول حصل العقد وهو زوجة له وهو زوجٌ لها، لو مات أحدهما عن الآخر في تلك اللحظة بعد الإيجاب والقبول ولو لم يرها حينئذٍ نقول: حصل الإرث، لماذا حصل الإرث؟ لوجود عقد الزوجية الصحيح، لأنه لا يشترط الخلوة بها، إذ لو اشترطنا الخلوة حينئذٍ لا يصح عقد الزوجية إلا مع وجود الخلوة وهذا باطل، ولا يشترط الوطء إذ لو اشترطنا الوطء حينئذٍ لا يصح عقد الزوجية إلا مع وطءٍ، فإذا تزوج ولم يقع ليس بعقد زوجية، وهذا باطل، فلذلك نقول: هو عام. ولذلك جاءت النصوص عامة قال تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} [النساء: 12]. أزواجكم أزواج، هنا بمجرد العقد فدخل في قوله: {أَزْوَاجُكُمْ} الزوجة {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} الزوجات يعني، أزواجكم هذا عام دخل فيه الزوجة التي خلا بها، والزوجة التي لم يخلو بها، والزوجة التي لم يطأها، والزوجة التي وطئها أربعة أنواع، لأنه قد يعقد ويطأ، يعقد ويخلو ولا يطأ، يعقد ولا يخلو، يعقد ويخلو ولا يطأ، هذه أربعة أقسام، قل ما شئت قدم وأخر، إذًا {أَزْوَاجُكُمْ} نقول: هذا عام، وجه العموم أن الرب جل وعلا أطلق الأزواج هنا أزواج جمع أضيفِ إلى الكاف فيهم يعمّ، يعمّ ماذا؟ يعم كل من صدق عليه أنه قد حصل منه إيجابٌ وقبول، بقطع النظر عن الخلو أو الوطء، فهو عام، وهو عقد الزوجية الصحيح خرج الفاسد، وإن لم يحصل وطء ولا خلوة، ويورث به من الجانبين، يرث الزوج من زوجته، والزوجة من زوجها بمجرد العقد لعموم قوله تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ}. لكم، اللام هنا للتمليك فيملك، ولا يملك إلا بسبب صحيح {وَلَكُمْ} اللام هذه للْمِلْك تفيد التمليك، وهل وقد سبق أن هذه الأسباب ندرسها لماذا؟ لنستفيد المواضع التي رتب عليها الشرع انتقال الملكية القهرية من الميت إلى ورثته، هل كل من ادَّعَى أنه وارث يرث؟ الجواب: لا، وإنما بينه الشرع. تكفل الشارع ببيان من الذي يرث عن ذلك الميت، وذكر منهم الأزواج، وجاء اللفظ عامًا حينئذٍ يعمّ، فيرث به الزوج من زوجته والزوجة من زوجها بمجرد العقد لعموم قوله تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} [النساء: 12]. عرفتم وجه العموم، وكذلك قوله: {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} [النساء: 12]. والمرأة تكون زوجة لمجرد العقد، ولا تكون زوجةً إلا بعقد صحيح، وأما العقد الفاسد سواء كان متفقًا على فساده أو مختلفًا في فساده، والصحيح أنه لا ترثُ به.