(ما) الاسم الموصول الذي دخل عليه الحرف في، لماذا؟ لكون الاسم الموصول مبهم، وإذا كان مبهمًا حينئذٍ لا بد من مفسرٍ يزيل ويكشفُ هذا الإبهام. وقوله (من الإبانة) متعلق بمحذوف بيانٌ لما الموصولة لأنه من المبهمات. إذًا قوله من (الإبانة) بيان لما توخيناه (عن مذهب الإمام) جار ومجرور متعلق بقوله: (الإبانة)، هذا يسمى تضمين عندهم وهو عيب، الأصل في البيت أن يكون مستقلاً بفائدة ولا يتعلق ما بعده بما قبله، وما قبله لا يتعلق بما بعده، كُل بيت ينتظم فائدة أو ينتظم مسألة مستقلة هذا الأصلُ فيه، فإذا جعله مرتبطًا بما بعده وحينئذٍ يسمى تضمينًا، وهذا تساهل فيه المتأخرون وخاصةً في الأراجيز، لأنهم قصدوا منها القائدة ولم يقصدوا منها أن يكون منضبطين على قواعد العروضيين وأهل القوافي من أجل حصول الفائدة التامة التي تترتب على هذا النظم. إذًا (عن مذهب) جار ومجرور متعلق بقوله: (الإبانة). وتعلق به لكونه مصدرًا، والمصدر يعتبرُ من العوامل، (عن مذهب) مذهب على وزن مَفْعَل، ومفعل كما هو معلوم يصلح أن يكون مصدرًا ميميًّا، ويصلح أن يكون اسم زمان، ويصلحُ أن يكون اسم مكان، هذه الثلاثة. والمراد هنا الأول وهو كونه مصدرًا ميميًّا، فحينئذٍ يفسرُ بالذهاب، يعني ما ذهب إليه زيدٌ الفرائض رضي الله تعالى عنه، ولكن المرادُ به المذهبُ هنا ليس المعنى اللغوي يعني الأرجح من هذه المحاميل الثلاثة التي هي المصدر الميمي واسم الزمان واسم المكان أن يكون بمعنى المصدر، ثم المراد به المذهب الاصطلاحي، وهو: ما قاله المجتهدُ بدليلٍ ومات قائلاً به. يسمى هذا مذهبًا له، بشرط أن يكون قاله بدليل، يعني بنظر في الأدلة، وأما إذا قاله تبعًا لغيره يعني مقلدًا فلا يقال فيه أنه مذهبٌ له، لأنه مقلِّد وإذا كان الأمر كذلك حينئذٍ لا ينسب إليه القول، المقلِّد لا يُنسبُ إليه قول كما يقال: الساكت لا ينسب إليه قول. المقلد كذلك لأنه تابعٌ لغيره مأخوذٌ من القلادة، كأنما جُرَّ بـ ... .
(عَنْ مَذْهَبِ الإِمَامِ) إذًا مذهب مَفْعَل يَصْلُح للمصدر والمكان والزمان، بمعنى الذهاب المرادُ به المرور، أو محل الذهاب، أو زمان الذهاب، وبعضهم يحملها على المعاني الثلاثة هذا من حيثُ اللغة، وأما في الاصطلاح: فهو ما قاله المجتهدُ بدليلٍ ومات قائلاً به.