(وَاعْلَمْ) اجزم، ولذلك عدّاه بالباء والعلم بعد التصور لا بد أن يكون مسبوقًا بتصور لأن المراد هنا إدراك التصديقات لا مطلق العلم الشامل للتصورات، إذًا (وَاعْلَمْ) أي اجزم وضمن اعلم بمعنى اجزم فعداه بالباء أو نقول هو بنفسه يتعدّى، والغريب أن كثيرًا ممن يذكر هذه المسألة وهم جهابذة في مثل هذه المواضع والبيجوري كذلك يذكر أنه لا يتعدى بنفسه إلا إذا ضُمن بمعنى أجزم بكذا مع أنه في القرآن {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق:14] يعني لم يضمن هناك وإنما تعدّى بنفسه، ولذلك نقول: العلم قد يتعدّى بنفسه {يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [النحل: 91]، وقد يتعدّى بالباء، وهذا كثير أن يوجد اللفظ الواحد يتعدى بنفسه ويتعدى بحرف آخر، ولذلك كما سبق ألقى فلان السمع، وألقى إلى فلان السمع. (وَاعْلَمْ بِأَنَّ الْجَدَّ ذُو أَحْوَالِ) ليس الجد مطلقًا إنما نقيده بكونه مع الإخوة لا وحده، (وَاعْلَمْ بِأَنَّ الْجَدَّ) مع الإخوة لا وحده (ذُو أَحْوَالِ) ذوي يعني صاحب، وذو هنا وقع خبر لأن، ذو أحوالي يعني ذو أحوال، وأحوال هذا أفعال جمع حالٍ والمراد به الصفة يعني هو صفات، صفة يرث بها مع الإخوة أحد الصنفي ويكون له إما المقاسمة وإما ثلث المال، وقد يكون معهم صاحب فرض حينئذٍ يخير بين ثلاثة مسائل سيأتي ذكرها هنا فيما بعد.
(أُنْبِيكَ عَنْهُنَّ) أُنبيك بضم الهمزة من أنبأ على المشهور، المشهُور أن أنبأ أُنبيء هذا رباعي، فإذا كان كذلك أنبأ رباعي الفعل المضارع يكون بضم حرف المضارعة سواء كانت ياء أو نون أو همزة على المشهور، ويجوز فتحها من نَبَأَ، فإن الجوهريّ جعل الفعل منها ثلاثيًّا ورباعيًّا هكذا جوّزه البيجوري هناك، وأبدلت همزته ياء بعد تسكينها تخفيفًا أنبي أُنبيك أُنبأك هذا الأصل، أُنبيء بالهمزة أُبدلت الهمزة ياءً بعد تسكينها تخفيفًا أُنبيك يعني أخبرك (عَنْهُنَّ) يعني عنها عن هذه الأحوال (عَنْهُنَّ) أَتَى بنون الإناث هل له مرجع نون الإناث هنا؟ أين مرجعه؟ أحوال؟ [ها] صاحب أحوال أُنبيك عنهن يعني عن هذه الأحوال هذا الظاهر، ولكن البيجوري هناك ذهب ذهنه أن الأصل أن يقول أنبيك عنهم. قال: أتى بنون النسوة لضيق النظم. والصواب أنه يعود للأحوال أنبيك عن هذه الأحوال.
(عَلَى التَّوَالِي) يعني على التتابع. إذًا قوله: (وَاعْلَمْ بِأَنَّ الْجَدَّ) هنا ليس مطلقًا (ذُو أَحْوَالِ) يعني صاحب أحوال، وأحوال جمع حال يُذَكّر ويُؤنث، ولذلك عاد عليه الضمير بالتأنيث. (أَحْوَالِ) باعتبارات فباعتبار أن أهل الفرض معهم وجودًا وعدمًا حالان: يعني الجد والإخوة قد يكون معهم صاحب فرض وقد لا يكون، أليس كذلك؟