(وَنَبْتَدِي) أي نشرع، والأصل نبتدئ بالهمزة، ولكنها أسقطت تخفيفًا وهو لغة، يعني: قد يكون موافقًا للوزن لكنه لغة بإسقاط الهمزة تخفيفًا هو لغة (وَنَبْتَدِي) ونبتدئ لأنه من بدأ يبدأ أين الهمزة التي بدأ الهمزة هي لام الكلمة، هنا أُسقطت تخفيضًا (وَنَبْتَدِي الآنَ) ظرف متعلق بقوله: ... (نَبْتَدِي). وعرفنا (نَبْتَدِي) بمعنى نشرع، (الآنَ) أي في هذا الوقت الحاضر يعني اسم زمان للوقت الحاضر، وقد يقع على قريب ماضٍ، والمستقبل تنزيلاً له منزلة الحاضر، (بِمَا أَرَدْنَا) بما نبتدي بالذي أردنا، الألف هذه للإطلاق في أردنا، و (ما) هذه اسم موصول يعني الذي واقعة على الأحكام، وهذا أظهر لكن يحتاج إلى تقدير مضاف، ويحتمل أنه يقع كما قال البيجوري على العبارات. يعني على الألفاظ، ولكن ليس بظاهر، لكن الأول هو الظاهر (بِمَا أَرَدْنَا) والذي أراده هو ماذا؟ هو بيان الأحكام، والأحكام إنما ذكرها بعباراته، حينئذٍ يكون ذكر العبارات تابعًا لذكر الأحكام، فالأصل هو الأحكام، لذلك يؤيد هذا قوله فيما سبق (وَحُكْمُهُ وَحُكْمُهُمْ سَيَاتِي) إذًا وعد بماذا؟ وعد بذكر الأحكام لا بذكر العبارات، العبارات دالة على الأحكام. الحاصل أن قوله (ما) اسم موصول بمعنى الذي واقعة على الأحكام مع تقدير المضاف أي بالأحكام (وَنَبْتَدِي الآنَ) بالأحكام التي أردنا إيرادها أو إيراد دوالّها يعني العبارات، وجوّز البيجوري أن تكون (ما) هنا واقعة على العبارات، (وَنَبْتَدِي الآنَ) بالعبارات، وهذا بعيد فيه بُعد، أو بالعبارات التي أردنا إيرادها (بِمَا أَرَدْنَا) الألف هذه للإطلاق. قال الشارح: بما أردنا إيراده. يعني من ذكر الأحكام (في الْجَدِّ وَالإِخْوَةِ) في الجدّ أي حال كون ذلك في بيان إرث الجد والإخوة، (في الْجَدِّ وَالإِخْوَةِ) الواو هنا للمعية (وَالإِخْوَةِ) يعني لا من الأم لأنه صار مصطلح أو له حقيقة عرفية إذا أُطلق لفظ الإخوة في هذا الباب انصرف إلى الأشقاء أو الإخوة لأب فقط دون الإخوة لأم، ولذلك قال الشارح: لا من لأم فقط، لأنهم محجوبون بالإجماع، كما أنهم محجوبون بالأب كذلك محجوبون بالجد. (في الْجَدِّ وَالإِخْوَةِ إِذْ وَعَدْنَا) إذ للتعليل كأنه قال: نبتدي لأننا وعدنا بذلك، ووَعَدَ يكون للخير وأَوْعَدَ للشر هذا في الغالب، وقد يستعمل كل منهما مقام الآخر:
وإني وإن أَوْعَدتُه أو وَعدتُهُ ... لمخلف ميعادي ومنجزٌ موعدي
هذا كما سبق أنه أشار إليه بقوله:
وَحُكْمُهُ وَحُكْمُهُمْ سَيَاتِي ... مُكَمَّلَ الْبَيَانِ في الْحَالاَتِ
هنا وفّى بما قد وعد به، وبعض الشراح يقول: سيأتي ذكر هذه المسألة في موضعها، وقد لا يقول إن شاء الله كما صنع البهوتي في أول الروض، وإذا جاء في محلها لا يذكرها ولذلك هنا نص على هذا:
وَنَبْتَدِي الآنَ بِمَا أَرَدْنَا ... في الْجَدِّ وَالإِخْوَةِ إِذْ وَعَدْنَا
قد يقول قائل لماذا؟