قال هنا: ومذهب الإمام زيد - رضي الله عنه - هو مذهب الأئمة الثلاثة، وكونه كما ذكرنا زيد في أول الدروس أنه إذا صح الحديث: «أفرضكم زيد». لا يلزم منه أن يُتابع في كل صغيرة وكبيرة بل يُتابع فيما ذكره زيدٌ بدليله، يعني إذا قال: هذا كذا ونقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلى العين والرأس، وإذا اجتهد فلم يُخالف حينئذٍ تأتي مسألة الإجماع السكوتي حجة أو ليس بحجة، وأما إذا خُولف فحينئذٍ لا تقف مع كونه أفرض الصحابة، وهذا إن صح الحديث، وإنما ننظر في القول وما استند عليه القول فإن وافقه فعلى العين والرأس، وإن خالف فحينئذٍ نعتذر له ولا نوبخ ولا نعاتب.

هو مذهب الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد بن حنبل - رضي الله عنهم -، ووافقهم محمد بن يوسف والجمهور رحمهم الله، الجمهور هذا السياق كما يقول الشوكاني رحمه الله تعالى: فلا يهولنك سياط الجمهور. يعني لا يلسعك أحد بقول في مسألة من أجل أن تتابعه يقول: قول الجمهور كيف تخالف؟ نقول: لا الجمهور ليس بدليل، وإنما يستأنس به عند عدم الترجيح، يعني إذا لم يترجح إليك شيء في المسألة حينئذٍ لا بد من العمل، وإذا كنت مفتيًا لا بد من الفتوى فحينئذٍ تفتي بماذا؟ تفتي بما عليه الجمهور ولا شك لأن الأكثر وإن لم يكن مطردًا أقرب إلى الدليل من الإنفراد وليس بمطرد، لا، قد يكون الأقل معه الدليل وهو أسعد بالدليل لكن إذا لم يكن عندك ترجيح في مسألة وكنت أهلاً للنظر ولم تصل إلى شيء معين تطمئن نفسك إلى قول راجح حينئذٍ تفتي أو تأخذ أنت في نفسك بقول الجمهور، وأما أن يجعل سياطًا يُساط به طلاب العلم بأن هذا مخالف للجمهور وهذا مخالف للأئمة الثلاثة ونحو ذلك، نقول: هذه ليست جادة أهل العلم المحققين - إن صح التعبير - ولا الراسخين في العلم المتبعين للكتاب والسنة. وهو ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى في بيان مذهب زيد قال رحمه الله:

وَنَبْتَدِي الآنَ بِمَا أَرَدْنَا ... في الْجَدِّ وَالإِخْوَةِ إِذْ وَعَدْنَا

فَأَلْقِ نَحْوَ مَا أَقُولُ السَّمْعَا ... وَاجْمَعْ حَوَاشِي الْكَلِمَاتِ جَمْعَا

وَاعْلَمْ بِأَنَّ الْجَدَّ ذُو أَحْوَالِ ... أُنْبِيكَ عَنْهُنَّ عَلَى التَّوَالِي

كلها مقدمة ولم يدخل بعد في التفصيل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015