* باب الجد والأخوة.
* أحوال الجد مع الأخوة.
* حال الأخوة بعد مقاسمة الجد.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد.
وقفنا عند قول الناظم رحمه الله تعالى:
(بَابُ الْجَدِّ وَالإِخْوَة) بعد ما أنهى ما تعلق بأصحاب الفروض، وكذلك التعصيب، ثم أتبعه بالحجب، ثم أتبعه بالمشرِّكة أو المشرَّكة عقد بابًا فيما يتعلق بالجد والإخوة.
وقد ذكر بعضهم أن هذا الباب متعلق بالحجب، وإنما لكثرة مسائله أفرده الفرضيون بباب خاص به.
قال رحمه الله تعالى: (بَابُ الْجَدِّ وَالإِخْوَة) أي بابُ بيان أحكامهما مجتمعين، أحكام الجد والإخوة مجتمعين، وأما على جهة الإنفراد فهذا سبق بحثه في ... ، أما بالنسبة للإخوة فسبق في باب الثلث، وسبق كذلك في باب السدس فيما إذا انفرد، وأما الجد فهذا سبق كذلك في باب السدس وفي باب التعصيب.
(بَابُ الْجَدِّ وَالإِخْوَة) أي باب بيان أحكامهما مجتمعين، والجد هنا إذا أُطلق فينصرف إلى الجد الصحيح، يعني احترازًا عن الجد الفاسد، الجد الصحيح وهذا كما سبق الذي يُطلق في باب الفرائض لأنه هو الذي تترتب عليه الأحكام الشرعية وهو الجد الصحيح، وأما الجد الفاسد فهو كالجدة الفاسدة ليست بداخلة في الأحكام. حينئذٍ لما قال الناظم: (الجدّ) علمنا أن المراد به الجد الصحيح وإن علا، وهو حقيقة في الجد الأدنى الذي هو أبو الأب، ومجازًا في غيره أبو أبي الأب فهذا يعتبر مجازًا فيه، فإن قيل بالحقيقة فهذا هو الأصل، إن قيل بأنه حقيقة في الجد الذي هو أبو الأب وإن علا فنقول: هذا هو الأصل، ودعوى المجاز هذه تحتاج إلى قرينة واضحة بيِّنة ولم يكن ثمَّ قرينة صارفة، والْجَدُّ في الأصل من جَدَدّتُ الشيء إذا قطعته، ومأخذه كما قال بعضهم: أن الأب كان طرفًا للنسب فلما وُلِدَ لابنه ولدٌ خرج أبوه عن أن يكون طرفًا وصار هو الطرف فلما قُطِعَ عن ذلك سُميَ جَدًّا، بمعنى مجدودًا. هكذا قال البيجوري في الحاشية، والإخوة بكسر الهمزة الإخوة جمع أخٍ وهو جمع تكسير، والمشهور فيه كسر الهمزة، وحكى في ((شرح الفصيح)) بالضم أُخوة، والمشهورُ هو الكسر. إذًا الجد المراد به هنا هو الجدّ الصحيح وهو الذي لم يدخل في نسبته للميت أنثى، مثل أبي الأب.
والجد الفاسد هو ما كان في نسبته للميت أنثى، كأبي الأم، وأبي أم الأب فهذا جدٌّ يعتبر من ذوي الأرحام وليس من أرباب الفرائض. فالقاعدة كما سبق معنا مرارًا أنه متى دخل بين الذكور أنثى حينئذٍ يصير الجد فاسدًا، ومتى إذا لم تدخل أنثى فحينئذٍ يعتبر جدًّا صحيحًا مهما علت درجته وإن سمي مجازًا فيما هو أعلى، لكن الظاهر حقيقة كما ذكرناه كأبي أبي الأب، وأبي أبي أبي الأب إلى آدم عليه السلام كما قال بعضهم، هذا يُعتبر جدًّا لكنه يسمى جدًّا مجازًا لا حقيقة، وإنما الحقيقة ينصرف إلى أبي الأب.