(فَاجْعَلْهُمُ) هذا بضم الميم مع الإشباع جواب شرط في قوله: تجد (وَإِنْ تَجِدْ زَوْجَاً) إلى آخره، (فَاجْعَلْهُمُ) أي الإخوة مطلقًا الأشقاء والإخوة للأم (كُلُّهُمُ) أيضًا بضم الميم مع الإشباع وهو توكيد للضمير في وقوله: (فَاجْعَلْهُمُ) العائد على الإخوة مطلقًا (لأُمِّ) هذا متعلق بمحذوف يعني إخوة لأم كأنهم إخوة لأم، والأب الذي افترقوا به أسقطه (وَاجْعَلْ أَبَاهُمْ)، (أَبَاهُمْ) بإسكان الميم (حَجَرَاً في الْيَمِّ) كأنه حجر فيه تشبيه بليغ بحذف أداة التشبيه ووجه الشبه عدم الانتفاع بكله، كما أن أباهم ميت فلا ينتفع به كذلك الحجر لا ينتفع به. إذًا شبَّهوا أباهم بالحجر في اليمّ يعني ملقى في اليمّ وهو البحر متعلق بمحذوف أي ملقى، وهذا كناية عن قطع النظر فيه بالكلية. إذًا (فَاجْعَلْهُمُ كُلُّهُمُ لأُمِّ) اجعل الإخوة الأشقاء بالنسبة إلى أنهم اشتركوا مع الإخوة للأم في الأم كأنهم إخوة لأم، حينئذ يشتركون في ماذا؟ يشتركون في الثلث، وهذا اجتهاد من عمر رضي الله عنه وهو مقابل للنص السابق الذي ذكرناه.

وَاقْسِمْ عَلَى الإِخْوَةِ ثُلْثَ التَّرِكَهْ ... فَهَذِهْ الْمَسْأَلَةُ الْمُشَرِّكَهْ

(وَاقْسِمْ عَلَى الإِخْوَةِ) الجميع الأشقاء والذين لأم فقط (ثُلْثَ التَّرِكَهْ)، (ثُلْثَ) بإسكان اللام يعني اقسم على الإخوة على عدد رؤوسهم بينهم بالسوية، فلو كانت مع الأشقاء فيها أنثى أخذت كواحد من الذكور، لأن الإخوة {فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ}، الإخوة الأشقاء يرثون فيما بينهم {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} وأما الإخوة لأم فلا نصيب الذكر كنصيب الأنثى، كذلك لو ادْخل معهم الأشقاء ولو كانوا إناثًا نصيب الذكر كنصيب الأنثى ولا نقول بأن الذكر له حظ الأنثيين، فلو كان مع الأشقاء فيهم أنثى أخذت كواحد من الذكور.

فهذه المسألة المشتركة المشهورة من زمن الصحابة رضي الله عنهم إلى هذا الوقت ولا بد من تسميتها والحكم فيها بما ذكر من هذه الأركان الأربعة وهي: زوج، وذو سدس من أم أو جدة، واثنان فأكثر من أولاد الأم، وعصبة شقيق ومحترز أركانه معروف في موضعه، والصحيح أنها تجري على القاعدة أن الإخوة الأشقاء لا يرثون شيئًا في هذه المسألة للقاعدة السابقة وهو قول ابن عباس وابن مسعود وأبي موسى الأشعري وأُبَيّ بن كعب ومذهب أبي حنيفة وأحمد وهو أنهم يسقطون بالإخوة لأم لعموم قوله تعالى {فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ} خصّ الثلث بالإخوة للأم، ولحديث «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر». وهؤلاء ليس لهم شيء لأنه لم يبق لهم شيء فيسقطون حينئذ.

هذه المسألة متعلقة بما ذكر، وهي ما وجد فيها الأصناف المذكورة، حينئذٍ فالقاعدة تكون عامة. والله أعلم.

وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015