والحال أنهم استغرقوا، الجملة حالية بتقدير قد، وهذا مجرد توضيح وإلا فقد عُلِمَ من المثال فلا حاجة إليه (بِفَرْضِ النُّصُبِ) فرض مصدر بمعنى مفروض، و (النُّصُبِ) جمع نصيب أي بالنصب المفروضة فهو من إضافة الصفة إلى الموصوف. قال هنا: (فالمسألة أصلها ستة: للزوج النصف ثلاثة، وللأم أو الجدة السدس واحد، وللإخوة لأم الثلث اثنان، ومجموع الأنصبة ستة، فلم يبق للعصبة الشقيق شيء) ولا شيء للأشقاء لاستغراق الفروض والعاصب لا يأخذ إلا ما تبقى بعد الفروض، هذه عرضت على الخليفة الراشد عمر فأفتى بإسقاط الإخوة الأشقاء في مرة أخرى، وجاءوا إليه مرة أخرى فشرّكهم، والأولى المسألة التي ذكرها هنا هي القول الأول لعمر رضي الله تعالى عنه. (فلم يبق للعصبة الشقيق شيء فكان مقتضى الحكم السابق أن يسقط لاستغراق الفروض وذلك هو الذي قضى به عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أولاً وهو مذهب الإمام أبي حنيفة، والإمام أحمد بن حنبل رحمهما الله تعالى، وهو أحد القولين عند الشافعية وإحدى الروايتين عن زيد بن ثابت رضي الله عنه). وهذا هو الصحيح لقوله: {فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ} حينئذ لا يشرّك معهم الأشقاء فيبقى على ظاهر النص، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر». وهنا لم يبق شيء حينئذ يسقطون، فالصواب أن الإخوة الأشقاء لا يرثون شيء في هذه المسألة، ثم وقعت هذه المسألة نفسها: زوج وأم وإخوة لأم مع أشقاء لعمر رضي الله عنه، أوتي بمثلها فأراد أن يقضي بما قضى به أولاً، يعني: بأن يسقط الإخوة الأشقاء لكونه لم يبق شيء من التركة. فقال له بعض الإخوة لعمر: هب أنا أبانا كان حجرًا ملقى في اليم). وفي بعض الروايات: (هب أن أبانا كان حمارًا) ولذلك سميت (الحمارية) فلذلك سميت بما تقدم، فلما قيل له ذلك قضى بالتشريك بين الإخوة للأم والإخوة الأشقاء، يعني الإخوة الأشقاء من جهتين والإخوة للأم من جهة واحدة، اشتركا في ماذا؟ في الأم، إذًا اجعل الأب كأنه حجر اجعل الأب كأنه حمار كأنه غير موجود، والشبه هنا في لأنه ميت لا ينتفع به كما أنه لا ينتفع بالحجر ونحو ذلك. كأنهم يعني أولاد أم بالنسبة لقسمة الثلث بينهم فقط لا من كل الوجوه، بعد أن كان أسقطهم في العام الماضي فقيل له في ذلك، فقال: ذاك على ما قضينا، وهذا على ما نقضي. ووافقه على ذلك جماعة من الصحابة رضي الله عنهم. إذًا شرَّك عمر الأشقاء مع الإخوة للأم في الثلث، حينئذ يستوون في التوزيع كل منهم يأخذ نصيبه لا للذكر مثل حظ الأنثيين، إنما للذكر مساو لما هو الأنثى.
فَاجْعَلْهُمُ كُلُّهُمُ لأُمِّ ... وَاجْعَلْ أَبَاهُمْ حَجَرًا في الْيَمِّ