نونٌ وتاء خاتمة. الفرقُ بينهما في العين والباء فقط إعا إبا، نة عانة الفرق بينهما في العين والباء، هذا يسمى بين الإعانة والإبانة جناسٌ أو جناسًا لاحقًا، يسمى الجناس اللاحق وضابطه أن تختلف الكلمتان في حرفين متباعدي المخرج، تختلف الكلمتان في حرفي متباعدي المخرج وهما العين والباء، با، أع أبّ، هذا حلقي وهذا شفوي، أبّ شفتين، أَعْ هذا من أقصى الحلق، حينئذٍ نقول هو حلقي حينئذٍ نقول: بين الحرفين تباعدٌ في المخرج مع استواء بقية الحروف إعانة إبانة يسمّىَ جناسًا لاحقًا، وأصلُ إعانة وإبانة إعوان وإبيان وتصريفهما واحد إلا أن الأول واوي إعوان، والثاني يائي وهو إبيان. إذًا لأنه مأخوذٌ من بان يبين، وذاك من عان يعونُ من العونِ لأن المصدر واوي، وهذا مما يدلُ على أن الألف المنقلبة في إعان أصلية لأنها منقلبة عن واو، والأصل أن تكون الألف المنقلبة في فعلٍ ثلاثي عانَ أعانَ أو رباعي زِيدَ فيه أوله حينئذٍ الأصلُ في هذه الألف أن تكون منقلبة عن أصلٍ سواءً كان هذا الأصل واوًا أو كان ياءً، و (نسأل الله لنا الإعانة) يعني الإقدار على الذي نطلبه وتيسيره (فيما توخينا) في هنا بمعنى على، لأن الإعانة والعون والاستعانة كما سبق بالأمس أنه يتعدَّى بماذا؟ يتعدَّى بعلى {وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ} [الفرقان: 4]، {وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18]، إذًا العون وهذه المادة ومشتقاتها تتعدّى بعلى، حينئذٍ القول هنا كما قلنا هنا (واستعين الله في ألفية) يعني أستعين الله على نظم ألفية، هنا (فيما) يعني ونسأل الله لنا الإعانة فيما على الذي ففي بمعنى على، و (ما) هنا موصولة بمعنى الذي (وتوخّينا) بتشديد الخاء هذا الجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب، توخّينا والضمير العائد محذوف توخيناه يعني قصدناه أو اجتهدنا في تحصيله، (وتوخّينا) أي تحرينا وقصدنا، وهنا جُمع بين المعنيين، والتوخي قد يطلق ويُرادُ به التحري والاجتهاد، وقد يطلق ويراد له القصد، يطلق ويراد به التحري والاجتهاد، ويطلق ويراد به القصد، وهل المراد هنا بالمعنيين أو المراد به التحري والاجتهاد؟
الظاهر الأول أنه مرادٌ به التحري والاجتهاد، وليس المرادُ به القصد فحسب إلا إذا عُمِّمَ ما أراد به القولين كما ذهب الشارح إليه، ويُقالُ فلانٌ يتوخى الحقَّ ويتأخّاه أي يقصده ويتحراه، ويقال تأخيت الشيء تحريته، جاء بمعنى القصد، وجاء بمعنى التحري، التحري طلب الأحرى، وكثيرًا ما يستعمله الفقهاء بمعنى الاجتهاد، والألفاظ الثلاثة متقاربة التي هي التحري والقصد والاجتهاد هذه كلها متقاربة.