واستعينُ الله في ألفية. إذًا لا بُدّ من تحقيق معنى الاستعانة في العلم في التعليم، وفي التعلُّم في التعليم ونحو ذلك لكن هنا قال: (نسألُ). أتى بالنون الدالة على العظمة، والأصل في السؤال أن يكون بخضوع وذُلّ لا يكون فيه شيءٌ من العظمة، أتى بالنون نون العظمة إمّا من باب التحدث بالنعمة لأنه فيه إشارة أراد أن يصنف، وهذا لا يمكن أن يصل إلى هذا المقام إلا بعد أن يكون له قدم راسخةٌ في العلم، ففيه اعترافٌ بنعمة ولا شك في ذلك لأنه أراد يُبَيِّن مذهب زيد الإمام زيد بن ثابت في شأنِ الفرائض وهذا أراد به تصنيفًا تأليفًا، وهذا لا يكون إلا لمن له قدمٌ راسخة في العلم في نفس العلم، حينئذٍ هذه نعمة وأراد أن يُبَيِّن في ابتداء الأمر أنه ممن أوتي علمًا في هذا الفن بحيث تأهل أن يصنف فيه، حيثُ صار أهلاً بأن يصنف فيه، إذًا أتى بنون العظمة إما من باب التحدث بالنعمة، أو أراد بها نفسه وغيره من المجتهدين في بيان ما ذهب إليه الإمام زيدُ بن ثابت في الفرائض، يعني يحتملُ أنه أراد نفسه، حينئذٍ تكون النون على بابها، إذا قيل: نقول هذا واحدٌ متكلم، وإذا قيل: نضرب هذا يحتمل أنه هو ومعه غيره، وهنا

ونسأل الله لنا الإعانَةْ ... فيما تَوَخَّيْنَا مِنَ الإبانَةْ

هذا يحتمل أنه نزّل المجتهدين مُنَزَّلَةَ المتكلِّمِ الواحد فكأنه سأل لنفسه ولغيره، إذًا هذان مأخذان في مجيئِهِ بالنون، والسؤال هو طلبُ (ونسأل الله لنا) نحنُ (الإعانة) مصدر أعان يعين إعانة، فهو من باب الإكرام، أعان أصلهُ أعْوَنَ أَفْعَلَ، حينئذٍ نُقِلت حركت الواو إلى ما قبلها فنقول: تحركت الواو بحسب الأصل وانفتح ما قبلها بحسب [الآن] .... # 9.45 فقلبت الواو وألفًا، حينئذٍ المصدر يكون على وزنِ الإفعال، وتبقى الألف كما هي منقلبة وجي بألف المصدر فالتقى ألفان وحذفت إحدى الألِفَين والمرجح أنها ألف الأصلية التي هي عينُ الكلمة، لأن الألف التي جِئت أو جِئ بها للمصدرية جئ بها لمعنى، حينئذٍ كان بقاؤها أولى من حذف هذه الألف ودعوى أنّ الذي حُذف هو الألف المصدرية وإبقاء عين الكلمة لكونها أصلية نقول: هذا يفوّتُ معنى المصدرية. مثل ما قيل: تَلَظَّى تَتَلَظَّى فالشأن في كالشأن في هذه الألف (ونسأل الله لنا الإعانة)، أي: نسأل الله لنا إعطاء الإعانة الذي هو القوّة العون والقوة، وبين الإعانة والإبانة، إعانة إبانة، إبَانة إعانة ما الفرق بينهما؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015