الصحيح من أقوال أهل العلم أنه يصلى عليهم تبعًا لا استقلالاً، ثمَّ هل يُصْلَى عليهم ابتداءً دون أن يكون تبعًا للنبي - صلى الله عليه وسلم - والآل؟ الجواب: نعم، لكن لا على جهة الشعار، يعني لا يكون شعارًا فيقال: اللهم صلِّ على أبي بكرٍ وسلِّم، اللهم صلِّ وسلِّم على عمر مثلاً، فلا بأس به، اللهم صلِّ وسلِّم على الإمام أحمد، لكن لا يكون شعارًا له بحيثُ كلما ذُكر هذا الاسم الإمام أحمد مثلاً ذُكرت معه الصلاة كما يقوله البعض عليٌّ عليه السلام، وهذا جُعل شعارًا عليه وهذا ممنوع، أما كونه يقعُ فترة في وقتٍ دون وقت، ومرةً دون مرة هذا لا بأس به، وأما أن يُجْعَل شعارًا له دون غيره من الصحابة فهذا يعتبرُ ممنوع.
إذًا (وآله من بعده وصحبه) أي من بعده ففيه حذفُ من الثاني لدلالةِ الأول عليه، إذًا صلى في هذا البيت على نوعين في الشطر الثاني وهم الآل والصحب، (آله) قلنا المراد به أَتْبَاعُهُ على دينه في مقام الدعاء، وكل مؤمن فهو داخلٌ في هذا النص، وأما في مقام منع الزكاة فهو خاص ببني هاشم وعبد المطلب عند الجمهور، عند جمهور أهل العلم خاصٌ ببني هاشم وعبدِ المطلب و (من بعده) أي تبعًا له، (من بعده) قلنا: هذا حال جار ومجرور متعلق بمحذوف حال، (وصحبه) أي أصحابه، صحب اسم جمعٍ لصاحب، أصحابه اسم جمعٍ لصاحب وليس جمعًا، لأن صاحب فاعل لا يجمع على فَعْل، فهو اسم جمعٍ لصاحبٍ بمعنى الصحابي.
والمرادُ بالصحابي: من اجتمع بالنبي - صلى الله عليه وسلم - مؤمنًا به ومات على ذلك، وزاد ابن حجر: ولو تخللت ردته في الأصح. يعني في القول الأصحّ، فكل من أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - واجتمع به وهو مؤمنٌ به بالنبي - صلى الله عليه وسلم - لا بغيره من الأنبياء، ومات على ذلك على الإيمان حينئذٍ نقول: هو صحابي. سواءٌ طالت لقياه بالنبي - صلى الله عليه وسلم - يعني طال اجتماعهُ أو لا، سمع منه أو لا، هذه خصوصية للنبي - صلى الله عليه وسلم - لشرفه ومكانته كُلُّ من رآه ولو من بُعدٍ ثبت له حقُّ الصحبة، وأما غيره فلا، إذِ الصحبة مأخوذةٌ في لسان العرب من الملازمة يعني لا يكون صاحبٌ لك إلا إذا لازمته، فلولاك شخصٌ من على بُعد فهل هو صاحبٌ لك؟ لا، ليس بصاحبٍ لماذا؟ لأنه لابد أن يكون ثمّ ملازمة لك، وهذا خاصٌ بالصحابة الذي ذكرنا الأمر في شأنهم.
وقيل: من طالت صحبته له وكثرت مجالسته له والأخذ عنه وقيل غير ذلك، في تفسير الصحابي خلاف بين أهل العلم خاصةً أهل الحديث لأنه ينبني عليه مسائل من جهة الحديث المتصل وعدمه لكن ما ذكرناه هو المشهور.
حدُّ الصحابي مسلمًا لاقى الرسول ... وإن بلا روايةٍ عنه وقُول
هذا المرجح عند أهل الحديث ولما حَمِدَ الله تعالى وصلى على نبيِّهِ - صلى الله عليه وسلم -.
قال:
ونسأل الله لنا الإعانَةْ ... فيما تَوَخَّيْنَا مِنَ الإبانَةْ
(ونسألُ) السؤال هو الطلب، أي: نطلبُ من الله تعالى الإعانة يعني العون القوة على ما نأتيه، وهذا كما ذكرناه سابقًا من قول ابن مالك: