ولذلك قال هنا: فإذا اجتمع عاصبان فمن كانت جهته مقدمة عند الاختلاف في الجهة فهو مقدم وإن بَعُدَ على من كانت جهته مؤخرة، فلا ينظر لقرب ولا بعد بل للجهة عند الاختلاف فيها، فابن ابن ابن أخ شقيق أو [لأب] مقدم على العم لأن جهة الأخوة مطلقًا والبنوة مقدمة على العمومة، فحينئذٍ كل اختلاف في الجهة أخ أو ابن أخ شقيق أو لأب مقدم على العم بجميع تفاصيله شقيق لأب ابن عم شقيق ابن عم لأب مقدم لماذا؟ لكون جهة الأخوة وبني الأخوة هذه مقدمة على العمومة وبنيها، فإن اتحدت جهتهما حينئذٍ نظرنا إلى الدرجة فالقريب درجة أي عند الاختلاف في الدرجة وإن كان ضعيفًا وإن كان القريب من جهة الدرجة ضعيفًا في القرابة كما ذكرناه مقدم على البعيد من جهة الدرجة وإن كان قويًّا، يعني لا يلتفت إلى القوة لو قال: من كان أقربهم درجة مقدم على البعيد مطلقًا سواء كان البعيد ضعيفًا أو قويًّا فلا نظر إلى القوة، فإن اتحدت درجتها أيضًا كما اتحدت جهتهما، فالقوي وهو ذو القرابتين كما الأخ الشقيق وابنه، مقدم على الضعيف وهو ذو القرابة الواحدة. سماه ضعيفًا لأنه لا يفعل شيء مع ذاك هو ضعيف، مقدم على الضعيف وهو ذو القرابة الواحدة كما سبق تمثيله، وذلك معنى قوله .. إلى آخره.

بعبارة أخرى وبقاعدة أخرى تضبط لك المسألة نقول: إذا اجتمع عاصبان فأكثر فلهما حالات:

- فتارة يستويان.

- أو يستوون في الجهة والدرجة والقوة. وحينئذٍ يشتركان أو يشتركون في المال أو فيما أبقت الفروض.

- وتارة يختلفان أو يختلفون في الجهة والدرجة والقوة فيُسقط بعضهم بعضًا، وذلك مبني على أصلين يعني كل ما سبق مبني على أصلين:

الأول: أن كل من أدلى إلى الميت بواسطة حجبته تلك الواسطة. فابن الأخ الشقيق أو لأب لا يرث مع الأخ الشقيق أو الأخ لأب، لماذا؟ لأن ابن الأخ الشقيق أدلى بالأخ الشقيق فلا يرث معه، وكذلك ابن الأخ لأب لا يرث مع الأخ لأب، ابن الأخ لأب لا يرث مع الأخ لأب، لماذا؟ لأنه أدلى به يعني هو الواسطة بينه وبين الميت، وابن الابن وإن نزل لا يرث مع الابن وهكذا .. كل من أدلى إلى الميت بواسطة حجبته تلك الواسطة إلا ولد الأم بالاتفاق وليس بوارد هنا لأن الكلام هنا في العصبات، والجدة لأب فإنها ترث عند الإمام أحمد مع الأب والجد أيضًا كما ذكرناه سابقًا.

الأصل الثاني: إذا اجتمع عاصبان فأكثر قُدِّمَ من كانت جهته مقدمة وإن تراخى على من كانت جهته مؤخرة، فابن الابن وإن نزل مثلاً مقدم على الأب، فلولا أن له فرضًا لسقط، هذا الذي ذكرناه. الابن مقدم على الأب يحجبه هذا الأصل، لكن الأب له فرض فإذا حجبه من جهة التعصيب رجع إلى الفرض فلا يسقط، لولا أن له فرضًا لسقط فإن كانوا أو كانا من جهة واحدة فالقريب وإن كان ضعيفًا مقدم على البعيد وإن كن قويًّا، فابن الأخ لأب مقدم على ابن ابن الأخ الشقيق لأنه أقرب درجة، وإن تساويا أو تساووا في القرب فالقوي مقدم على الضعيف، فالأخ الشقيق مقدم على الأخ من الأب، والقوي هو ذو القربتين، والضعيف هو ذو القرابة الواحدة كما ذكرناه في البيت الذي سبق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015