هذا الشروع في التقديم بالقوة مع الاتحاد في الجهة والدرجة، (وَالأَخُ) لأم وأب (وَالْعَمُّ) لأم وأب، فقوله: (لأُمٍّ وَأَبِ) قيد للاثنين (وَالأَخُ) لأم وأب يعني الشقيق (والعلم) الأم والأب (أَوْلَى) يعني أحق (مِنَ الْمُدْلِي) بالميت (بِشَطْرِ النَّسَبِ) يعني بنصف النسب من العصبات فلا يرد الأخ لأم، لأنه خرج بما سبق. إذًا العم الشقيق أوى من العم لأب مقدم عليه، والأخ الشقيق مقدم على الأخ لأب باعتبار ماذا؟ باعتبار القوة لأن الأول أقوى من الثاني، والمارد بالقوة والضعف هنا من كان ذا قرابتين من جهتين أقوى ممن كان بشطر النسب، فالثاني الذي عبر عنه الناظم بشطر النسب المراد به نصف النسب، وهذا لا يرد الأم وإن كان ظاهر العبارة يرد الأخ لأم يصدق عليه بأنه مدلي بشطر النسب لأنه من جهة الأم، لكن هذا كما ذكرنا سابقًا خرج بقوله: (بَابُ التَّعْصِيب). والذي يُذكر هنا هم العصبة، كلام المصنف يقتضي أن المدلي بشطر النسب له حق وليس كذلك لأنه لا حق له بالكلية مع المدلي بالجهتين، ولذلك قيل أفعل التفضيل على غير بابها (أَوْلَى مِنَ الْمُدْلِي بِشَطْرِ النَّسَبِ) إذًا يشتركان من باب زيد أعلم من عمرو، كلٌّ منهما عنده علم إلا أن هذا أكثر من هذا، فقوله: (أَوْلَى مِنَ الْمُدْلِي بِشَطْرِ النَّسَبِ). إذا جعلنا أفعل التفضيل على بابها حينئذٍ يرث المدلي بشطر النسب وليس مراد، وهذا من التنطع في اللفظ فقط، لأنه لا حق له بالكلية مع المدلي بالجهتين، ولذلك قيل أفعل التفصيل على غير بابها، لكن يرد عليه قول من قال: إن أفعل التفضيل متى اقترن بمن لا يكون إلا على بابه. على كلٍّ من أدلى بشطر النسب إذا وُجِدَ مع من أدلى بالشطرين لاحظ له بالإجماع، وهذا من باب التدقيق كما ذكرناه. (وَالأَخُ وَالْعَمُّ لأُمٍّ وَأَبِ)، (أَوْلَى) يعني أحق (مِنَ الْمُدْلِي) للميت (بِشَطْرِ النَّسَبِ)، (وَالْعَمُّ لأُمٍّ وَأَبِ). قال الشارح: وابن الأخ لأم وأب، وابن العم لأم وأب بمعنى أن الحكم في الأخ الشقيق كذلك الحكم لابنه، والحكم في العم الشقيق كذلك الحكم لابنه، فإذا اجتمع ابن أخ شقيق مع ابن عم شقيق حينئذٍ الأول مقدم على الثاني، هكذا؟ ابن أخ الشقيق مع ابن أخ لأب، ابن الأخ الشقيق مقدم، طيب ابن عم شقيق مع ابن عم لأب الأول، أما ابن العم الشقيق مع ابن الأخ الشقيق حينئذٍ ابن الأخ مقدم لأن الأخوة مقدمة على العمومة فالجهة مقدمة هنا، (أَوْلَى مِنَ الْمُدْلِي بِشَطْرِ النَّسَبِ) وهو الأخ لأب في الأولى، والعم لأب في الثانية .. إلى آخر ما ذكره. قال هنا تلخيصًا لما سبق: إذا علمت ذلك فإذا اجتمع عاصبان فمن كانت جهته مقدمة يعني عند الاختلاف في الجهة فهو مقدم وإن بعد، يعني فلا ينظر لقرب ولا بعد بل للجهة عند الاختلاف فيها، إن اتحدا في الجهة نظرنا إلى الدرجة والقوة، وأما إن حصل اختلاف في الجهة فالنظر حينئذٍ يكون للجهة لا نلتفت إلى درجة ولا إلى قوة، وإنما النظر يكون للجهة، إن اختلفا في الجهة فالحكم بالجهة، فمن كانت جهته مقدمة حجب من بعده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015