لأن هذا القتل لا يترتب عليه الضمان، هل نقول للذي يقص: ائتي بالكفارة أو بالدية أو القوت؟ لا، لماذا؟ لكون هذا القتل بحق، فكل قتل كان بحق ولا يترتب عليه الضمان لا يكون مانعًا من الإرث، دفع الصائل لو اعتدى شخص على شخص وكان يرثه فحينئذٍ إذا ضربه ضبةً فتسبب في موته نقول: يرثه، لكون هذا القتل بحق ولا يترتب عليه ضمان.

المذهب عندنا أي الحنابلة وهو الصحيح: أن القتل المانع من الإرث هو القتل بغير حق، وهو المضمون بقود أودية أو كفارة، كالعمد وشبه العمد والخطأ، وما جرى مجرى الخطأ كالقتل بالسبب، والقتل من الصبي والمجنون والنائم، هؤلاء تنزيلاً لأفعالهم منزّله العقلاء ودفعًا لسد الذريعة لئلا يُفتح الباب وهذا يسلّط ابنه وهذا يسلّط مجنونًا .. إلى آخره سدًّا لهذا الباب نزلت أفعال هؤلاء وإن كانوا في الأصل غير مكلفين منزلة العقلاء، حينئذٍ إذا قتل النائم فلا يرث، وإذا قتل المجنون لا يرث، وإذا قتل الصبي لا يرث، وأما القتل بحق وهو ما ليس بمضمون بشيء مما ذكر لا يمنع الميراث مطلقًا كالقتل قصاصًا أو حدًّا أو دفعًا عن نفسه، يعني لو فعل واحد يرث ممن أقيم عليه الحدّ قصاصًا، أو دفعًا لصائلٍ حينئذٍ لا يكون القتل مانعًا من الإرث. إذًا القتل المانع من الإرث هو الذي يترتب عليه الضمان من قَوَد وكفارة وديةٍ، وما لا يترتب عليه الضمان فلا يكون مانعًا من القتل، ولذلك قال هناك في الشرح: فالقتل المانع هو ما أوجب قصاصًا كالعمد المحض العدوان، أو دية كقتل الوالد ولده عمدًا عدوانًا فإنه يضمن بالدية، ولا كفارة لأنه عمدٌ، ولا قصاص فيه لحديث: «لا يقتل الوالد بالولد». لكنه يمنعه، أو كفارة كمن رمى مسلمًا بين الصفين يظنه كافرًا، إذا رمى مسلم بين الصفين في القتال يظن أنه كافر نقول: هذا يوجب الكفارة لأنه خطأ، يمنع أو لا يمنع؟ يمنع، لماذا قلنا يمنع؟ لأنه ترتب عليه الضمان.

وعند الشافعية الحكم عام وهذا غريب. عند الشافعية الحكم عام، كل قتلٍ ولو كان بحق يكون مانعًا من القتل، والأصل في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس للقاتل من الميراث شيء». هذا الحديث فيه كلام في سنده ضعف، لكن الإجماع هو العمدة يعني المسألة مجمعٌ على أصلها في حملة كون القاتل مانعًا، وأما الحديث ففيه كلام.

والمعنى فيه تهمة الاستعجال في بعض الصور، بعض الصور واضحة، وبعضها ليس فيها استعجال، استعجَال على ماذا؟

يريد المال أن ينتظر حتى يموت ويصل إلى ثمانين تسعين سنة، مباشرة وهو صغير يأتي به عليه من أجل أن يرثه، بعض الصور يظهر فيها تهمة الاستعجال، وبعضها لا قد تخفى، ولكن سدًّا للباب ألحق هذا بذاك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015