قال هنا: ولا مدخل للمفتي بالقتل وإن كان على معين لأنه ليس بملزم بخلاف القاضي، وهذا بناء على مذهب الشافعية، (وَاخْتِلاَفُ دِيْنِ) إذا عرفنا المانع الأول وهو الرق، والمانع الثاني وهو القتل، المانع الأول الرق قلنا: لا يتثنى منه إلا المبعض فقط جزءه الحر والثاني رق وأطلقه المصنف في الجملة مجمع عليه في كونه سببًا، لكن هل كل قتل؟ لا يستثنى منه ما كان بحق. إذًا رقٌّ إلا إذا كان جزء مبعض، فلا يكون ذلك الجزء مانع للمبعض أن يرث ويورث ببعضه الحر، يعني هو مجزأ جزأين، هل الرق يمنع تأثير الحرية الجزء الآخر؟ نقول: لا يمنع. قتلٌ نقيده بغير حق (وَاخْتِلاَفُ دِيْنِ) يعني ثالثها اختلاف دين، اختلف الشيئان لم يتفقا (وَاخْتِلاَفُ دِيْنِ) أي اختلاف الدين دين الوارث والميت، الوارث والمورث إذا لم يكونا على دين واحدٍ حينئذٍ يكون مانعًا، اختلاف الدين يكون مانعًا من الإرث، والكفر يسمى دينًا أو لا؟ قال: (وَاخْتِلاَفُ دِيْنِ) يعني بين الإسلام والكفر، ... «لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر». هل الكفر يسمى دينًا؟ نعم {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِينًا} [آل عمران: 85] يبتغ دينًا غير الإسلام، إذًا سمى الكفر ماذا؟ دين، {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ} [آل عمران: 19] معارض أو لا؟ {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِينًا} أطلق على غير الإسلام أنه دين، وقال في الآية الأخرى {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ} يعني: الدين الحق الذي إذا أُطلق ينصرف إلى الإسلام وأما التسمية اليهودية مثلاً دين، والنصرانية دين، والعلمانية دين وغير ذلك نقول: هذا وارد في النص.
(اخْتِلاَفُ دِيْنِ) يعني بالإسلام والكفر، وهو أن يكون المورث على ملة والوارث على ملة أخرى، فلا توارث بينهما لانقطاع الصلة بينهما شرعًا، الصلة الحسيَّة موجودة، هذا أب وهذا ابن، موجودة، حسية أمر مدرك بالواقع حس الصلة موجودة، لكن لما كان اعتبار الدين هو أصل وهذه الصلة فرع، حينئذٍ الشرع لم يجعل لها محلاً، فلا توارث بينهما لانقطاع الصلة بينهما شرعًا، ولذلك قال لله تعالى لنوحٍ عن ابنه الكافر: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} [هود: 46]. هو من أهله وليس من أهله، من أهلك الصالحين المعتبرين الذين تكون لك صلة بهم، وأنه ليس من أهلك هذا على الذي ذكرناه.