(القتلُ)، (رِقٌّ وَقَتْلٌ)، يعني: وثانيها القتل، والقتل هذا خبر لمبتدأٍ محذوف تقديره وثانيها قتلٌ، والقتل هو إزهاق الروح مباشرةً أو تسببًا، إزهاق الروح مباشرة يقتله مباشرة أو تسببًا أن يتسبب في موته حينئذٍ يكون قاتلاً كأن يضربه مثلاً بجديدة على رأسه فيبقى شهرًا مريضًا ثم يموت، نقول: هذا قاتل. يعني ما قتله مباشرة، مباشرة يعني في وقته مات، ضربه فمات مباشرة هذا يسمى قتلاً مباشرةً، تسبب في قتله كأن يكون ضربه ضربةً قاتلة ولكنه بقي بعده أيام ثم مات، موته بسبب تلك الضربة فهو قاتلٌ له، ولا فرق بين أن يكون القتل عمدًا أو خطأً يعني يكون القتل مانعًا سواءٌ كان القتل عمدًا أو خطأً عمدًا واضح، ولو قتل أباه استعجل، منعه من الإرث واضح، لكن إذا أخطأ؟ أراد أن يرمي شيء فأصاب والده فمات يرث؟ لا يرث لماذا؟ لكونه قاتلاً له ولو كان خطأ تعميمًا لسدِّ الذريعة، لأنه إذا قيل بأن الخاطئ والمخطئ، القتل الخطأ لا يكون مانعًا من الإرث كل يدَّعِي أنه أخطأ، ففتح الباب، ولا شك أن سد الباب هذا مقصد من مقاصد الشريعة، إذًا تعميمًا لسد الذريعة ولئلا يدَعِي العامل أنه قتل خطأً، ولذلك منع. إذًا رقٌ وقتلٌ: قتل عرفنا معناه: إزهاق الروح مباشرة أو تسببًا.
أطلق القتل فعمّ العمد وشبه العمد عندنا الحنابلة والخطأ، لماذا؟
تعليمًا لسدّ الذريعة ولئلا يدَّعَي من قتل عمدًا أنه قد أخطأ وهو مانع للقاتل فقط، لا المقتول، يعني من قتل مورثه يمنع القاتل من الإرث، والمقتول هل يمنع من كونه وارثًا لقاتله لكونه قتل؟ الجواب: لا، لماذا؟
لأن هذا الوصف إنما تعلق بالفاعل وذاك مفعول لم يقتل، يعني إذا قتل ابنٌ أباه ضربه ضربةً وهذا لا يتأتى المثال في المباشرة، فلو قتله مباشرة انتهى طلعت روحه لكن لو قتله تسبب بضربه ضربةً قاتلة، ثم بقي الأب أيامًا ثم مات قبل موت الأب مات الابن، يمكن أو لا؟ يمكن ضرب أباه ثم بعده بيوم وبقي أبوه بعده بثلاثة أيام نقول: الأب يرث الابن وهو مقتول، والقاتل الابن لا يرث أباه البتة واضحٌ؟
إذًا القتل يكون مانع من جانب واحد فقط، وهو جانب القاتل، وأما المقتول يرث قاتله، فقط يرث قاتله كما قال الشارح هنا.
المذهب عندنا أنه ليس كل قتل يكون مانعًا، وإنما القتل الذي يترب عليه الضمان، لأن القتل نوعان:
- قتلٌ بحق.
- وقتلٌ بغير حق.
الأول لا يترتب عليه الضمان، والثاني يترتب عليه الضمان، هل كل هذين النوعين يكون مانعًا أو لا؟ محل خلاف طويل عريض بين الفقهاء، والصحيح التفصيل الذي عليه المذهب. وهو أن القتل إن كان بحق حينئذٍ لا يمنع، يعني لو كان القاتل قصاص يقص يضرب بالسيف لو قتل أبوه شخصًا فأقيم عليه الحد قتلاً، فكان عند ابنه فضربه ضربةً بالسيف لكونه قاتلاً عمدًا عدوانًا، حينئذٍ يصدق عليه الوصف أو لا؟
هل يصدق عليه أنه قاتل أو لا؟ نعم يصدق.
هل هذا القتل مانع له من إرث أبيه أو لا؟ محل خلاف، والصحيح أنه لا يمنع فيقتله حدًّا وإقامةً لحكم الله عز وجل ويرثه، ولا يكون هذا القتل مانعًا له من الإرث، لماذا؟