الأحكام المترتبة على إسقاط الجنين

Q ما هي الأحكام المترتبة على الإسقاط قبل نفخ الروح أو بعده؟

صلى الله عليه وسلم قبل نفخ الروح لا يكون إنساناً؛ لأن الإنسان هو المكون من الروح والجسد، وليس من واحدة منهما، وهو إنما كان إنساناً في نفخ الروح، وكونه حصل اجتماع الأمرين فيه فهو الروح والجسد، فلذلك لا يكون إنساناً حتى تأتي الروح وتدخل في الجسد، وإنما يعتبر قطعة من اللحم لا توصف بحياة، بل هي موصوفة بالموت كما ذكرت أنها الموتة الأولى التي كان الإنسان فيها في بطن أمه، وكان لحماً ليس فيه روح، فيكون بذلك في حال الموتة الأولى، والحياة تبدأ بنفخ الروح؛ ولهذا تترتب الأحكام على نفخ الروح فيه، فإذا أكمل مائة وعشرين يوماً وأسقط بعد ذلك، فإنه تترتب عليه الأحكام التالية: يغسل ويصلى عليه، وتكون به أمه أم ولد إذا كانت أمة، وكذلك أيضاً تخرج المرأة من العدة إذا كانت حاملاً، سواء كانت عدة وفاة أو عدة طلاق، وتكون المرأة نفساء أيضاً، ولا تصلي ولا تصوم في حال نفاسها حتى ينقطع الدم وإذا كان قبل ذلك فإنه لا تعتبر نفساء، ولا تمتنع من الصلاة والصيام، وهذا دم فساد ولا يقال له دم نفاس، وكذلك الأمور الأخرى لا يترتب عليه أنه يصلى عليه إذا كان قبل هذا السن أو هذا المقدار من مدة مكثه في البطن، ولو حصل فيه التخلق؛ لأن التصوير يمكن أن يكون قبل ذلك؛ لأن حديث ابن مسعود ما فيه تعرض للتصوير، لكن جاء في القرآن: {مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} [الحج:5] في المضغة، والمخلقة قيل: هي المصورة، وغير المخلقة: هي غير المصورة، لكنه لا يعتبر إنساناً إلا إذا نفخت فيه الروح، فبعد مائة وعشرين يوماً تترتب عليه الأحكام، وقبل ذلك فالأحكام تختلف عن الأحكام قبل ذلك؛ لأنه قبل ذلك يعتبر ميتاً، وبعد ذلك يعتبر حياً، فإذا حصلت الولادة بعد أن صارت فيه الحياة أجريت عليه كل الأحكام، وإذا كان قبل ذلك فإنه يعتبر دماً فاسداً خرج من المرأة فلا يغسل ولا يصلى عليه إذا كان مخلقاً، وكذلك أيضاً لا تعتبر المرأة ولدت، وإنما يكون ذلك بعد المائة والعشرين.

وإذا نزل وفيه ملامح أعضاء فإن كان قبل المائة والعشرين فهو يصير في حكم الميت من أهل الموتة الأولى التي تكون قبل نفخ الروح فيه؛ لأنه لا يكون إنساناً إلا إذا نفخت فيه الروح، والإنسان مكون من مجموع الروح والجسد، كما أن العبد مكون من مجموع الروح والجسد؛ ولهذا قالوا: إن الرسول صلى الله عليه وسلم أسري به بروحه وجسده؛ لأن الله تعالى قال: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الإسراء:1] والعبد: إنما هو اسم لمجموع الروح والجسد، فلا يقال: إن الإسراء بالروح دون الجسد، وإنما هو بمجموع الأمرين؛ لأن العبد اسم لمجموعهما، والإنسان اسم لمجموعهما، كما أن الكلام اسم للفظ والمعنى، لا يقال: إنه اسم للمعنى دون اللفظ، ولا يقال: للفظ دون المعنى، وإنما هو لمجموع الأمرين، الكلام اسم للفظ والمعنى، والإنسان اسم للروح والجسد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015