Q أريد الفرق بين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية، وهل الشرعية مندرجة تحت الكونية؟
صلى الله عليه وسلم الإرادة الكونية هي المشيئة، وهي القدر السابق الذي لا يتخلف، وكل شيء أراده الله كونه فلا بد من وجوده، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فكل شيء شاءه الله لا بد من وجوده، وكل شيء لم يشأه الله لا يمكن وجوده: فما شئتَ كان وإن لم أشأ وما شئتُ إن لم تشأ لم يكن وأما الإرادة الدينية فإنها تكون فيما يحبه الله ولا تكون فيما يسخطه الله، أي: أن الإرادة الكونية تكون في المحبوب المرغوب وفي المكروه، وتكون في الخير والشر وأما الإرادة الدينية فإنما تكون في الخير فقط، ولكن المراد بها قد يتخلف، بخلاف المراد كوناً فلابد أن يتحقق.
والإرادة الدينية تتحقق فيمن وفقه الله عز وجل لفعل الخيرات، وتتخلف فيمن لم يحصل له التوفيق، ولهذا يحب الله عز وجل من الناس أن يعبدوه وأراد ذلك شرعاً؛ لكن فيهم من يعبده وفيهم من يعصيه، فيهم من يستجيب وفيهم من لا يستجيب.
وتجتمع الإرادتان الكونية والدينية في حق المؤمن حيث أراد الله إيمانه كوناً وشرعاً.
فإذاً: الدينية لا يلزم حصولها لكل أحد؛ لأنها تكون لمن وفقه الله عز وجل، ولهذا جاء في قوله تعالى في سورة يونس: {وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [يونس:25]، فهو يدعو إلى الإسلام كل أحد، ولكن يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.