Q ما توجيه حديث حذيفة بن أسيد في مسلم: (إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكاً، فصورها، وخلق سمعها وبصرها، وجلدها ولحمها وعظامها، ثم قال: يا رب! أذكر أم أنثى؟ فيقضي ربك ما شاء، ويكتب الملك، ثم يقول: يا رب! أجله؟ فيقول ربك ما شاء، ويكتب الملك، ثم يقول: يا رب! رزقه؟ فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك، ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده فلا يزيد على ما أمر ولا ينقص)؟
صلى الله عليه وسلم حديث ابن مسعود ثبت في الصحيحين وحديث حذيفة بن أسيد هذا لم يخرجه البخاري وإنما خرجه مسلم، بل أعرض عنه البخاري، وأما مسلم فإنه أخرجه.
فمن العلماء من قال: إن المعول هو ما جاء في حديث ابن مسعود، وحديث حذيفة ما تعرض لنفخ الروح، وإنما جاء نفخ الروح في حديث ابن مسعود وهو بعد مائة وعشرين يوماً، فيمكن أن يجمع بينهما بأن التصوير -كما هو معروف- يتم في الطور الثالث؛ لأن الطور الثالث فيه قوله تعالى: {مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} [الحج:5]، يعني: أنها مصورة وغير مصورة، وذلك قبل نفخ الروح فيه، فيكون بذلك إما أن الكتابة حصلت مرة واحدة، والمعول في ذلك على ما جاء في حديث ابن مسعود أو أنها حصلت مرتين، مرة في الأربعين الثانية، ومرة بعد الأربعين الثالثة، وبعض أهل العلم قال بهذا، وبعضهم قال بهذا، وأظن ابن رجب رجح أن تكون الكتابة واحدة، وهي الكتابة التي تكون عند نفخ الروح فيه.
فيمكن أن يكون التصوير بعد الأربعين الثانية، لكن لا يترتب عليه حكم من الأحكام؛ لأنه ما جاء أنه تنفخ فيه الروح إلا بعد المائة والعشرين في حديث ابن مسعود.
ويمكن أن يكون هناك تخليق متفاوت، فإذا لم يرجح حديث ابن مسعود على حديث حذيفة بن أسيد يكون هذا وهذا، وكل منهما قد حصل.