جاءت السنة بتوريث العصبة الذين هم عصبة بالنفس في المعتقة والمعتق، وهذا بسبب الإعتاق وبسبب النعمة على المعتق، فإنهم يرثون المعتق سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً، والنساء ليس فيهن من يرث بالتعصيب بالنفس إلا المعتقة فقط، كما يقول صاحب الرحبية: وليس في النساء طراً عصبة إلا التي منت بعتق الرقبة يعني: أن النساء ليس فيهن عصبة بالنفس إلا التي منت بعتق الرقبة التي هي المعتقة، فإنها ترث ولكن هذا الميراث بعد أن ينتهي العصبة من جهة النسب وإن علوا وإن نزلوا، كالأعمام وإن علوا، وكأبناء الأعمام وأبناء الإخوة وإن نزلوا، فإن الإرث بالتعصيب في النسب مقدم على الإرث بالتعصيب بالسبب الذي هو العتق، لكن العتق يكون فيه ميراث النساء بالنفس، وعلى فهذا فهناك ميراث تعصيب بالنفس وتعصيب بالغير.
والذين يرثون بالتعصيب بالنسب هم: الذكور الذين يستقلون بالميراث لو انفردوا والمعتق والمعتقة إذا انفردوا، والمعتقة تأتي من الإناث فيمن يرث بالتعصيب بالنفس.
والذي يرث بالتعصيب بالغير هي المرأة التي يفرض لها لو انفردت، ولكنه إذا جاء معها أخوها فإنه يكون للذكر مثل حظ الأنثيين كالبنات والبنين وكأبناء البنين وبنات البنين فإنه يكون للذكر مثل حظ الأنثيين، وكالإخوة الأشقاء مع أخواتهم الشقيقات والإخوة لأب مع أخواتهم لأب، فإن الأنثى إذا انفردت فرض لها النصف، كالبنت وبنت الابن والشقيقة والأخت لأب، وإن كن أكثر من واحدة فرض لهن الثلثان، وسواء كان هذا الميراث بطبقة واحدة أو بطبقتين فإذا لم توجد بنتان ولكن وجد بنت وبنت ابن فإن البنت يكون لها النصف وبنت الابن يفرض لها السدس تكملة الثلثين؛ لأن البنات المجتمعات لا يحصلن أكثر من ثلثين، فإن كن في درجة واحدة حزنه بالتساوي، وإن كن في درجتين فإن التي في الدرجة الأولى تأخذ النصف والتي في الدرجة الثانية وهي بنت الابن مع البنت يفرض لها السدس تكملة الثلثين، وهكذا الأخت لأب مع الأخت الشقيقة فإنه يفرض للشقيقة النصف والأخت لأب يفرض لها السدس تكملة الثلثين؛ لأنهن يرثن ميراث الأخوات، والأخوات يكون لهن الثلثان.
لكن إذا وجد معهن إخوانهن صار للذكر مثل حظ الأنثيين، فالبنات مع البنين وبنات الأبناء مع بني البنين الذين في درجة واحدة يشتركون في الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين، وكذلك الإخوة الأشقاء مع الأخوات الشقيقات والإخوة لأب مع الأخوات لأب يكون للذكر مثل حظ الأنثيين.
فالعصبة بالغير أربعة أصناف: اللاتي يفرض لهن النصف لو انفردن، واللاتي يفرض لهن الثلثان لو اجتمعن، وإذا جاء معهن إخوانهن فللذكر مثل حظ الأنثيين، وإن انفردن فالنصف لواحدة والثلثان لاثنتين فأكثر، وسواء كن في طبقة واحدة كالبنات أو في طبقتين كالبنات وبنات الابن فإن الميراث يكون الثلثين فقط، وهذا هو التعصيب بالغير.
وأما التعصيب مع الغير فميراث الأخوات الشقيقات والأخوات لأب مع البنات، فالأخوات مع البنات عصبات.
فإذا وجدت شقيقة مع بنت أو بنتين فإنها تأخذ الباقي، فإن كانت مع بنت واحدة أخذت الباقي وهو نصف، وإن كانت مع ابنتين أخذت الباقي وهو الثلث.
وكذلك الأخت الشقيقة إذا كانت واحدة فلها النصف، وإن كن اثنتين فلهن الثلثان، والأخوات لأب ليس لهن شيء، كما أن بنات الأبناء ليس لهن شيء إذا حاز البنات الثلثين.
فإن وجدت شقيقتان ووجدت أخت لأب فإنها لا تأخذ الباقي.
والأخوات الشقيقات يأخذن الباقي بعد فرض البنت ويقدمن على الإخوة لأب؛ لأنهن يدلين إلى الميت بقرابتين، بخلاف الأخ لأب فإنه يدلي إلى الميت بقرابة واحدة.
هذا هو ما يتعلق بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ألحقوا الفرائض بأهلها، فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر).